وفيه أن معنى الرواية إنما هو أن السائل لما سأل أنه إذا تعارضت الصلاة على الأرض مع ترك السورة للخوف مع الصلاة في المحمل وقراءة السورة فأيهما يختار؟ أجاب (عليه السلام) بأنك إذا خفت فالصلاة في المحمل أولى. وليس في ذلك دلالة على أنه من حيث المحافظة على السورة وإن كان ذلك هو مراد السائل ومفهوم السؤال إلا أنهم (عليهم السلام) قد يجيبون بما هو أعم من السؤال بل قد يجيبون بقواعد كلية للمسؤول عنه وغيره ومن الظاهر بل الأظهر أن أولوية الصلاة في المحمل إنما هو من حيث الاقبال على العبادة وفراغ البال الذي هو روحها. ويؤيد الاستحباب هنا قوله: " وإذا قرأت الحمد وسورة - يعني في صلاتك في المحمل - فهو أحب إلي " فإن مرمى هذه العبارة إنما هو الاستحباب.
ومنها - جملة من الأخبار قد تضمنت نفي البأس عن الاقتصار على الفاتحة لمن أعجلت به حاجة، وهو يدل بمفهومه على ثبوت البأس لمن ليس كذلك.
وفيه (أولا) أن ثبوت البأس أعم من التحريم. و (ثانيا) أن ما دل على الاستحباب - كما تقدم - صريح الدلالة على ذلك بمنطوقه والمفهوم لا يعارض المنطوق.
وربما يستدل على الوجوب بالأخبار الدالة على النهي عن القران في الفريضة بأن يقال النهي حقيقة في التحريم ولا وجه لتحريم ذلك إلا من حيث إنه يلزم زيادة واجب في الصلاة عمدا وهو مبطل لها.
وفيه (أولا) - أن ذلك مبني على تحريم القران فلا يقوم هذا الدليل حجة على من يحكم بالكراهة.
و (ثانيا) - أن العبادة واجبة كانت أو مستحبة توقيفية من الشارع فمن الجائز كون السورة مستحبة والنهي عن الاتيان بها ثانية لكونه خلاف الموظف شرعا، وكما أن التشريع يحصل بزيادة الواجب باعتقاد أنه واجب ومشروع كذلك يحصل باعتقاد زيادة المستحب باعتقاد توظيفه واستحبابه في ذلك المكان أو زمان من الأزمان، وأما