ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرا ولا تلتفت إلى ما بعده من الدم أفضى إلى أن لا يستقر لها حيض فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها أو ترى القصة البيضاء وهو شئ يتبع الحيض أبيض يسمى (الترية) روي ذلك عن إمامنا، وروي عنه أن القصة البيضاء هي القطنة التي تحشوها المرأة إذا خرجت بيضاء كما دخلت لا تغير عليها فهي القصة البيضاء (بضم القاف) حكي ذلك عن الزهري وروي عن إمامنا أيضا، وقال أبو حنيفة. ليس النقاء بين الدمين طهرا بل لو صامت فيه فرضا لم يصح ولزمها قضاؤها ولا يجب عليها فيه صلاة ولا يأتيها زوجها فيكون الدمان وما بينهما حيضا وهو أحد قولي الشافعي لأن الدم يسيل تارة وينقطع أخرى ولأنه لو لم يكن من الحيض لم يحتسب من مدته.
ولنا قول الله تعالى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) وصف الحيض بكونه أذى فإذا ذهب الأذى وجب أن يزول الحيض، وقال ابن عباس اما ما رأت الدم البحراني فإنها لا تصلى وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل. وقالت عائشة: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ولأنها صامت وهي طاهر فلم يلزمها القضاء كما لو لم يعد الدم. فأما قولهم ان الدم يجري تارة وينقطع أخرى قلنا لا عبرة بالانقطاع اليسير، وإنما إذا وجد انقطاع كبير يمكن فيه الصلاة والصيام وتتأدى العبادة فيه وجبت عليها لعدم المانع من وجوبها (الفصل الثاني) إذا عاودها الدم فلا يخلو اما ان يعاودها في العادة أو بعدها فإن عاودها في العادة ففيه روايتان (إحداهما) أنه من حيضها لأنه صادف زمن العادة فأشبه ما لو لم ينقطع وهذا مذهب الثوري وأصحاب الرأي والشافعي (والثانية) ليس بحيض وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار ابن أبي موسى ومذهب عطاء لأنه عاد بعد طهر صحيح فأشبه ما لو عاد بعد العادة وعلى هذه الرواية يكون حكمه حكم ما لو عاد بعد العادة على ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله وقد روي عن أحمد رحمه الله إذا كانت أيامها عشرا فقعدت خمسا ثم رأت الطهر فإنها تصلى فإذا كان اليوم التاسع أو الثامن فرأت الدم صلت وصامت وتقضي الصوم وهذا على سبيل الاحتياط