فلم تصح صلاته بدون ذلك لعموم قوله عليه الصلاة والسلام " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " ولا يصح قياس هذا على الأمي لأن الأمي لو قدر على تعلمها قبل خروج الوقت لم تصح صلاته بدونها، وهذا يمكنه أن يخرج فيسأل عما وقف عليه ويصلي ولا قياسه على أركان أفعال لأن خروجه عن الصلاة لا يزيل عجزه عنها ولا يأمن عود مثل ذلك لعجز بخلاف هذا (النوع الثاني) مالا يتعلق بتنبيه آدمي الا أنه لسبب من غير الصلاة مثل أن يعطس فيحمد الله أو تلسعه عقرب فيقول بسم الله، أو يسمع أو يرى ما يغمه فيقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) أو يرى عجبا فيقول سبحان الله - فهذا لا يستحب في الصلاة ولا يبطلها نص عليه أحمد في رواية الجماعة فيمن عطس فحمد الله لم تبطل صلاته، وقال في رواية مهنا فيمن قيل له وهو يصلي ولد لك غلام فقال الحمد لله، أو قيل له احترق دكانك قال لا إله الا الله، أو ذهب كيسك فقال لاحول ولا قوة الا بالله، فقد مضت صلاته ولو قيل له مات أبوك فقال (إنا لله وانا إليه راجعون) فلا يعيد صلاته وذكر حديث علي حين أجاب الخارجي وهذا قول الشافعي وأبي يوسف، وقال أبو حنيفة تفسد صلاته لأنه كلام آدمي وقد روي عن أحمد مثل هذا فإنه قال فيمن قيل له ولد لك غلام فقال الحمد لله رب العالمين، أو ذكر مصيبة فقال إنا لله وإنا إليه راجعون، قال يعيد الصلاة، وقال القاضي هذا محمول على من قصد خطاب آدمي ولنا ما روى عامر بن ربيعة قال: عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثير طيبا مباركا فيه حتى يرضي ربنا وبعد ما يرضي من أمر الدنيا والآخرة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من القائل هذه الكلمة؟ فإنه لم يقل بأسا ما تناهت دون العرش " رواه أبو داود، وعن علي رضي الله عنه أنه قال له رجل من الخوارج وهو في صلاة الغداة فناداه (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) قال فأنصت له حتى فهم ثم أجابه وهو في الصلاة (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) احتج به أحمد ورواه أبو بكر النجاد باسناده ولان مالا يبطل الصلاة ابتداء لا يبطلها إذا أتى به عقيب سبب كالتسبيح لتنبيه إمامه
(٧٠٩)