(والثانية) أنه مشكوك فيه تصوم وتصلي ثم تقضي الصوم احتياطا وهذه الرواية المشهورة عنه نقلها الأثرم وغيره ولا يأتيها زوجها وإنما ألزمها فعل العبادات في هذا الدم لأن سببها متيقن وسقوطها بهذا الدم مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك وأمرها بالقضاء احتياطا لأن وجوب الصلاة والصوم متيقن وسقوط الصوم بفعله في هذا الدم مشكوك فيه فلا يزول بالشك والفرق بين هذا الدم وبين الزائد على الست والسبع في حق الناسية حيث لا يجب قضاء ما صامته فيه مع الشك أن الغالب مع عادات النساء ست أو سبع وما زاد عليه نادر بخلاف النفاس ولان الحيض يتكرر فيشق ايجاب القضاء فيه والنفاس بخلافه وكذلك الدم الزائد عن العادة في الحيض، وقال مالك: ان رأت الدم بعد يومين أو ثلاثة فهو نفاس وان تباعد ما بينهما فهو حيض، ولأصحاب الشافعي وجهان فيما إذا رأت الدم يوما وليلة بعد طهر خمسة عشر يوما (أحدهما) يكون حيضا (والثاني) يكون نفاسا، وقال القاضي: ان رأت الدم أقل من يوم وليلة بعد طهر خمسة عشر يوما فهو دم فساد تصلي وتصوم ولا تقضي وهذا قول أبي ثور. وإن كان الدم الثاني يوما وليلة فالحكم فيه كما قلناه من أنها تصوم وتصلي وتقضي الصوم ولنا أنه دم صادف زمن النفاس فكان نفاسا كما لو استمر ولا فرق بين قليله وكثيره لما ذكرناه من جعله حيضا فإنما خالف في العبارة فإن حكم الحيض والنفاس واحد وأما ما صامته في زمن الطهر فلا إعادة عليها فيه.
(فصل) إذا رأت امرأة الدم بعد وضع شئ يتبين فيه خلق الانسان فهو نفاس نص عليه. وان رأته بعد إلقاء نطفة أو علقة فليس بنفاس وإن كان الملقى بضعة لم يتبين فيها شئ من خلق الانسان ففيها وجهان (أحدهما) هو نفاس لأنه بدء خلق آدمي فكان نفاسا كما لو تبين فيها خلق آدمي (والثاني) ليس بنفاس لأنه لم يتبين فيها خلق آدمي فأشبهت النطفة.
(فصل) إذا ولت المرأة توأمين فذكر أصحابنا عن أحمد روايتين فيها (إحداهما) أن النفاس من الأول كله أوله وآخره قالوا وهي الصحيحة وهذا قول مالك وأبي حنيفة فعلى هذا متى انقضت مدة النفاس من حين وضعت الأول لم يكن ما بعده نفاسا لأن ما بعد ولادة الأول دم بعد الولادة فكان نفاسا كالمنفرد وآخره منه لأن أوله منه فكان آخره منه كالمنفرد. واختلف أصحابنا في الرواية الثانية. فقال الشريف أبو جعفر