كالمستحاضة. وقال أبو حنيفة: ما رأته قبل العادة ليس بحيض حتى يتكرر مرتين وما تراه بعدها فهو حيض. وقال الشافعي جميعه حيض ما لم تتجاوز أكثر الحيض وهذا أقوى عندي لأن عائشة رضي الله عنها كانت يبعث إليها النساء بالدرجة فيها الصفرة والكدرة فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ومعناه لا تعجلن بالغسل حتى ينقطع الدم وتذهب الصفرة والكدرة ولا يبقى شئ يخرج من المحل بحيث إذا دخلت فيه قطنة خرجت بيضاء ولو لم تعد الزيادة حيضا للزمها الغسل عند انقضاء العادة وإن كان الدم جاريا، ولان الشارع علق على الحيض أحكاما ولم يحده فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم. والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دما يصلح أن يكون حيضا اعتقدته حيضا ولو كان عرفهن اعتبار العادة على الوجه المذكور لنقل ولم يجز التواطؤ على كتمانه مع دعاء الحاجة إليه ولذلك لما كان بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم معه في الخميلة فجاءها الدم فانسلت من الخميلة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " مالك أنفست؟ " قالت نعم فأمرها أن تأتزر ولم يسألها النبي صلى الله عليه وسلم هل وافق العادة أو جاء قبلها ولا هي ذكرت ذلك ولا سألت عنه وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم فأقرها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك حين حاضت عائشة في عمرتها في حجة الوداع إنما علمت الحيضة برؤية الدم لا غير ولم تذكر عادة ولا ذكرها لها النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أنه لم يأت في العادة لأن عائشة استكرهته واشتد عليها وبكت حين رأته وقالت وددت أني لم أكن حججت العام ولو كانت تعلم لها عادة تعلم مجيئه فيها وقد جاء فيها ما أنكرته ولا صعب عليها ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لامته ولما وسعه تأخير بيانه إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته. وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت فلم يكن ليغفل بيانه وما جاء عنه عليه السلام ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لاغير وأما امرأة طاهر ترى الدم في وقت يمكن أن يكون حيضا ثم ينقطع عنها فلم يذكر في حقها عادة أصلا ولأننا لو اعتبرنا التكرار فيما خرج عن العادة أدى إلى خلو نساء عن الحيض بالكلية مع رؤيتهن الدم في زمن الحيض وصلاحية أن يكون حيضا، بيانه ان المرأة إذا رأت الدم في غير أيام عادتها
(٣٦٤)