يقولون إذا خلت بالماء فلا يتوضأ منه. فأما حديث ميمونة فقد قال أحمد أنفيه لحال سماك ليس أحد يرويه غيره وقال هذا فيه اختلاف شديد بعضهم يرفعه وبعضهم لا يرفعه ولأنه يحتمل أنها لم تخل به فيحمل عليه جمعا بين الخبرين.
(فصل) واختلف أصحابنا في تفسير الخلوة به فقال الشريف أبو جعفر قولا يدل على أن الخلوة هي أن لا يحضرها من لا تحصل الخلوة في النكاح بحضوره سواء كان رجلا أو امرأة أو صبيا عاقلا لأنها إحدى الخلوتين فنافاها حضور أحد هؤلاء كالأخرى وقال القاضي هي أن لا يشاهدها رجل مسلم فإن شاهدها صبي أو امرأة أو رجل كافر لم تخرج بحضورهم عن الخلوة. وذهب بعض الأصحاب إلى أن الخلوة استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل في استعماله لأن أحمد قال إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل هو به وإذا شرعا فيه جميعا فلا بأس به لقول عبد الله بن سرجس: اغتسلا جميعا هو هكذا وأنت هكذا. قال عبد الواحد في إشارته كان الاناء بينهما وإذا خلت به فلا تقربنه رواه الأثرم. وقد كانت عائشة تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يغترفان منه جميعا متفق عليه. فيخص بهذا عموم النهي وبقينا فيما عداه على العموم.
(فصل) فإن خلت به في بعض أعضائها أو في تجديد طهارة أو استنجاء أو غسل نجاسة ففيه وجهان (أحدهما) المنع لأنه طهارة شرعية (والثاني) لا يمنع لأن الطهارة المطلقة تنصرف إلى طهارة الحدث الكاملة. وان خلت به ذمية في اغتسالها ففيه وجهان (أحدهما) هو كخلوة المسلمة لأنها أدنى حالا من المسلمة وأبعد من الطهارة وقد تعلق بغسلها حكم شرعي وهو حل وطئها إذا اغتسلت من الحيض وأمرها به إذا كان من جنابة (والثاني) لا يؤثر لأن طهارتها لا تصح فهي كتبردها. وان خلت المرأة بالماء في تبردها أو تنظيفها أو غسل ثوبها من الوسخ لم يؤثر لأنه ليس بطهارة.
(فصل) وإنما تؤثر خلوتها في الماء القليل وما بلغ القلتين لا يؤثر خلوتها فيه لأن حقيقة النجاسة والحدث لا تؤثر فيه فوهم ذلك أولى.
(فصل) ومنع الرجل من استعمال فضلة طهور المرأة تعبدي غير معقول المعنى نص عليه أحمد ولذلك يباح لامرأة سواها التطهر به في طهارة الحدث وغسل النجاسة وغيرهما لأن النهي اختص الرجل ولم يعقل معناه فيجب قصره على محل النهي، وهل يجوز للرجل غسل النجاسة به؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يجوز وهو قول القاضي لأنه مانع لا يرفع حدثه فلم يزل النجس كسائر المائعات.