وجملته أن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثا أو جنبا غير عالم بحدثه فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة، روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وسليمان بن حرب وأبو ثور، وعن علي أنه يعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة وأصحابه لأنه صلى بهم محدثا أشبه ما لو علم.
ولنا اجماع الصحابة رضي الله عنهم روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء فوجد في ثوبه احتلاما فأعاد ولم يعيدوا، وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة فقال كبرت والله كبرت والله، فأعاد الصلاة ولم يأمرهم أن يعيدوا، وعن علي أنه قال: إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد ولا آمرهم أن يعيدوا. وعن ابن عمر أنه صلى بهم الغداة ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا، رواه كله الأثرم وهذا في محل الشهرة ولم ينقل خلافه فكان اجماعا ولم يثبت ما نقل عن علي في خلافه، وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم " أخرجه أبو سليمان محمد بن الحسن الحراني في جزء، ولان الحدث مما يخفى ولا سبيل للمأموم إلى معرفته من الإمام فكان معذورا في الاقتداء به ويفارق ما إذا كان على الإمام حدث نفسه لأنه يكون مستهزئا بالصلاة فاعلا لما لا يحل، وكذلك إن علم المأموم فإنه لا عذر له في الاقتداء به وقياس المعذور على غيره لا يصح والحكم في النجاسة كالحكم في الحدث سواء لأنها إحدى الطهارتين فأشبهت الأخرى، ولأنها في معناها في خفائها على الإمام والمأموم بل حكم النجاسة أخف وخفاؤها أكثر إلا أن في النجاسة رواية أخرى أن صلاة الإمام تصح أيضا إذا نسيها.
(فصل) إذا علم بحدث نفسه في الصلاة أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة، نص عليه.