أحد قوليه إذا انفصل فهو نجس لأنه جزء من الآدمي انفصل في حياته فكان نجسا كعضوه ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق شعره بين أصحابه قال أنس: لما رمى النبي صلى الله عليه وسلم ونحر نسكه ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر قال احلقه فحلقه وأعطاه أبا طلحة فقال " أقسمه بين الناس " رواه مسلم وأبو داود، وروي أن معاوية أوصى أن يجعل نصيبه منه في فيه إذا مات وكانت في قلنسوة خالد شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان نجسا لما ساغ هذا ولما فرقه النبي صلى الله عليه وسلم وقد علم أنهم يأخذونه يتبركون به ويحملونه معهم تبركا به وما كان طاهرا من النبي صلى الله عليه وسلم كان طاهرا من سواه كسائره (1) ولأنه شعر متصله طاهر فمنفصله طاهر كشعر الحيوانات كلها، وكذلك نقول في أعضاء الآدمي ولئن سلمنا نجاستها فإنها تنجس من سائر الحيوانات بفصلها في حياته بخلاف الشعر.
(فصل) وكل حيوان فشعره مثل بقية أجزائه ما كان طاهرا فشعره طاهر وما كان نجسا فشعره كذلك ولا فرق بين حالة الحياة وحالة الموت الا أن الحيوانات التي حكمنا بطهارتها لمشقة الاحتراز منها كالسنور وما دونها في الخلقة فيها بعد الموت وجهان (أحدهما) أنها نجسة لأنها كانت طاهرة مع وجود علة التنجيس لمعارض وهو الحاجة إلى العفو عنها للمشقة وقد انتفت الحاجة فتنتفي الطهارة (والثاني) هي طاهرة وهذا أصح لأنها كانت طاهرة في الحياة والموت لا يقتضي تنجيسها فتبقى الطهارة وما ذكرناه للوجه الأول لا يصح لأننا لا نسلم وجود علة التنجيس، ولئن سلمناه غير أن الشرع ألغاه ولم يثبت اعتباره في موضع فليس لنا اثبات حكمه بالتحكم.
(فصل) واختلفت الرواية عن أحمد في الخرز بشعر الخنزير فروي عنه كراهته، وحكي ذلك عن ابن سيرين والحكم وحماد وإسحاق والشافعي لأنه استعمال للعين النجسة ولا يسلم من التنجيس بها فحرم الانتفاع بها كجلده (والثانية) يجوز الخرز به قال: وبالليف أحب إلينا ورخص فيه الحسن ومالك والأوزاعي وأبو حنيفة لأن الحاجة تدعو إليه وإذا خرز به شيئا رطبا أو كانت الشعرة رطبة نجس ولم