القرحة فما علمت منه فاغسله وما غلبك منه فدعه، ولأنه يخرج من الشباب كثيرا فيشق التحرز منه فعفي عن يسيره كالدم وكذلك المني إذا قلنا بنجاسته: وروي عنه في الودي مثل ذلك إلا أن الظاهر عنه أن حكمه حكم البول لأنه من مخرجه. وروي عن أحمد أيضا أنه يعفى عن ريق البغل والحمار وعرقهما إذا كان يسيرا وهو الظاهر عن أحمد، قال الخلال: وعليه مذهب أبي عبد الله لأنه يشق التحرز منه، قال أحمد من يسلم من هذا ممن يركب الحمير إلا أني أرجو أن يكون ما خف منه أسهل: قال القاضي وكذلك ما كان في معناهما من سباع البهائم سوى الكلب والخنزير، وكذلك الحكم في أبوالها وأرواثها وبول الخفاش، قال الشعبي والحاكم وحماد وحبيب بن أبي ثابت لا بأس ببول الخفافيش، وكذلك الخشاف لأنه يشق التحرز منه فإنه في المساجد يكثر فلو لم يعف عن يسيره لم يقر في المساجد وكذلك بول ما يؤكل لحمه إن قلنا بنجاسته لأنه يشق التحرز منه لكثرته، وعن أحمد لا يعفى عن يسير شئ من ذلك لأن الأصل أن لا يعفى عن شئ من النجاسة خولف في الدم وما تولد منه فيبقى فيما عداه على الأصل.
(فصل) وقد عفي عن النجاسات المغلظة لأجل محلها في ثلاثة مواضع (أحدها) محل الاستنجاء فعفي فيه عن أثر الاستجمار بعد الانقاء واستيفاء العدد بغير خلاف نعلمه، واختلف أصحابنا في طهارته فذهب أبو عبد الله بن حامد وأبو حفص بن المسلمة إلى طهارته. وهو ظاهر كلام أحمد فإنه قال في المستجمر يعرق في سراويله لا بأس به ولو كان نجسا لنجسه، ووجه ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الروث والرمة " انهما لا يطهران " مفهومه أن غيرهما يطهر ولأنه معنى يزيل حكم النجاسة فيزيلها كالماء، وقال أصحابنا المتأخرون: لا يطهر المحل بل هو نجس فلو قعد المستجمر في ماء يسير نجسه، ولو عرق كان عرقه نجسا لأن المسح لا يزيل أجزاء النجاسة كلها فالباقي منها نجس لأنه عين النجاسة فأشبه ما لو وجد في المحل وحده (الثاني) أسفل الخف والحذاء إذا أصابته نجاسة فدلكها بالأرض حتى زالت عين النجاسة ففيه ثلاث روايات (إحداهن) يجزئ دلكه بالأرض وتباح الصلاة فيه وهو قول