مجاهد ومالك والشافعي وابن المنذر يصلي قائما بركوع وسجود لقوله عليه السلام " صل قائما فإن لم تستطع فجالسا " رواه البخاري ولأنه مستطيع للقيام من غير ضرر فلم يجز تركه له كالقادر على الستر ولنا ما روى الخلال باسناده عن ابن عمر في قوم انكسرت مراكبهم فخرجوا عراة قال يصلون جلوسا يومئون إيماءا برؤوسهم ولم ينقل خلافه ولان الستر آكد من القيام بدليل أمرين (أحدهما) انه لا يسقط مع القدرة بحال والقيام يسقط في النافلة (والثاني) ان القيام يختص الصلاة والستر يجب فيها وفي غيرها فإذا لم يكن بد من ترك أحدهما فترك أخفهما أولى من ترك آكدهما ولأنه إذا استتر أتى ببدل عن القيام والركوع والسجود، والستر لا بدل له والحديث محمول على حالة لا تتضمن ترك السترة. فإن قيل فالستر لا يحصل إنما يحصل بعضه فلا يفي بترك القيام. قلنا: إذا قلنا العورة الفرجان فقد حصل الستر وان قلنا العورة ما بين السرة والركبة فقد حصل ستر آكدها وجوبا في الستر وأفحشها في النظر فكان ستره أولى. وإذا ثبت هذا فليس على من صلى في هذه الحال إعادة لأنه شرط من شرائط الصلاة عجز عنه فسقط كما لو عجز عن استقبال القبلة فصلى إلى غيرها، وان صلى العريان قائما صحت صلاته في ظاهر كلام أحمد رحمه الله وهو قول أصحاب الرأي، وقال ابن جريج يتحيرون بين الصلاة قياما وقعودا وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله ما يدل على أنهم يصلون قياما وقعودا فإنه قد قال في العراة يقوم إمامهم في وسطهم. وروى عنه الأثرم ان توارى بعضهم ببعض فصلوا قياما فهذا لا بأس به، قيل له فيومئون أو يسجدون؟ قال سبحان الله السجود لابد منه، فهذا يدل على أنه لا يومئ بالسجود في حال وان الأفضل في الخلوة القيام الا ان الخلال قال هذا توهم من الأثرم، قال ومعنى قول احمد يقوم وسطهم اي يكون وسطهم لم يرد به حقيقة القيام. وعلى كل حال فينبغي لمن صلى عريانا ان يضم بعضه إلى بعض ويستر ما أمكن ستره. قيل لأبي عبد الله: يتربعون أو يتضامون؟ قال: لا بل يتضامون. وإذا قلنا
(٦٣٠)