والغسل وهل يطهر الجلد بمجرد الدبغ قبل غسله بالماء؟ فيه وجهان (أحدهما) لا تحصل لقول النبي صلى الله عليه وسلم في جلد الشاة الميتة " يطهرها الماء والقرظ " رواه أبو داود ولان ما يدبغ به نجس بملاقاة الجلد فإذا اندبغ الجلد بقيت الآلة نجسة فتبقى نجاسة الجلد لملاقاتها له فلا يزول إلا بالغسل (والثاني) يطهر لقوله عليه السلام " أيما اهاب دبغ فقد طهر " ولأنه طهر بانقلابه فلم يفتقر إلى استعمال الماء كالخمرة إذا انقلبت خلا والأول أولى والخبر والمعنى يدلان على طهارة عينه ولا يمنع ذلك من وجوب غسله من نجاسة تلاقيه كما لو أصابته نجاسة سوى آلة الدبغ أو اصابته آلة الدبغ بعد فصله عنها.
(فصل) ولا يفتقر الدبغ إلى فعل لأنها إزالة نجاسة فأشبهت غسل الأرض فلو وقع جلد ميتة في مدبغة بغير فعل فاندبغ طهر كما لو نزل ماء السماء على أرض نجسة طهرها.
(فصل) وإذا ذبح مالا يؤكل لحمه كان جلده نجسا وهذا قول الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك يطهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " دباغ الأديم ذكاته " أي كذكاته فشبه الدبغ بالذكاة والمشبه به أقوى من المشبه فإذا طهر الدبغ مع ضعفه فالذكاة أولى ولان الدبغ يرفع العلة بعد وجودها والذكاة تمنعها والمنع أقوى من الرفع. ولنا ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود السباع وركوب النمور وهو عام في المذكى وغيره ولأنه ذبح لا يطهر اللحم فلم يطهر الجلد كذبح المجوسي أو ذبح غير مشروع فأشبه الأصل، والخبر قد أجبنا عنه فيما مضى، ثم نقول إن الدبغ إنما يؤثر في مأكول اللحم فكذلك ما شبه به ولو سلمنا انه يؤثر في تطهير غيره فلا يلزم حصول التطهير بالذكاة لكون الدبغ مزيلا للخبث والرطوبات كلها مطيبا للجلد على وجه يتهيأ به للبقاء على وجه لا يتغير والذكاة لا يحصل بها ذلك فلا يستغنى بها عن الدبغ وقولهم المشبه أضعف من المشبه به غير لازم فإن الله تعالى قال في صفة الحور (كأنهن بيض مكنون) وهن أحسن من البيض والمرأة الحسناء تشبه بالظبية وبقرة الوحش وهي أحسن منهما، وقولهم ان الدبغ برفع العلة ممنوع فإننا قد بينا ان الجلد لم ينجس لما ذكرناه وإن سلمنا فإن الذبح لا يمنع