ولنا عموم قوله تعالى (وثيابك فطهر) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه " ولأنها نجاسة لا تشق إزالتها فوجبت إزالتها كالكثير، وأما الدم فإنه يشق التحرز منه فإن الانسان لا يكاد يخلو من بثرة أو حكة أو دمل ويخرج من أنفه وفيه وغيرهما فيشق التحرز من يسيره أكثر من كثيره ولهذا فرق في الوضوء بين قليله وكثيره * (مسألة) * قال (إلا أن يكون ذلك دما أو قيحا يسيرا مما لا يفحش في القلب) أكثر أهل العلم يرون العفو عن يسير الدم والقيح، وممن روي عنه ابن عباس وأبو هريرة وجابر وابن أبي أوفى وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وعروة ومحمد بن كنانة والنخعي وقتادة والأوزاعي والشافعي في أحد قوليه وأصحاب الرأي وكان ابن عمر ينصرف من قليله وكثيره وقال الحسن: كثيره وقليله سواء ونحوه عن سليمان التيمي لأنه نجاسة فأشبه البول ولنا ما روي عن عائشة قالت: قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض وفيه تصيبها الجنابة ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها. وفي لفظ: ما كان لإحدانا إلا ثوب فيه تحيض فإن أصابه شئ من دمها بلته بريقها ثم قصعته بظفرها، رواه أبو داود. وهذا يدل على العفو عنه لأن الريق لا يطهر به ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن دوام الفعل ومثل هذا لا يخفى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصدر إلا عن أمره، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم فيكون إجماعا (1) وما حكي عن ابن عمر فقد روي عنه خلافه، فروى الأثرم باسناده عن نافع أو ابن عمر كان يسجد فيخرج يديه فيضعهما بالأرض وهما يقطران دما من شقاق كان في يديه، وعصر بثرة فخرج منها شئ من دم وقيح فمسحه بيده وصلى ولم يتوضأ وانصرافه منه في بعض الحالات لا ينافي ما رويناه عنه فقد يتورع الانسان عن بعض ما يرى جوازه ولأنه يشق التحرز منه فعفي عنه كأثر الاستنجاء (فصل) وظاهر مذهب أحمد أن اليسير مالا يفحش في القلب وهو قول ابن عباس قال: الا
(٧٢٥)