ولنا ما روى ابن المنذر باسناده عن أبي يكره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا ورواه أبو داود ولفظه قال: كان إذا أتاه أمر يسر به أو بشر به خر ساجدا شكرا لله وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب. وسجد الصديق حين فتح اليمامة وعلي حين وجد ذا الثدية (1) وروي عن جماعة من الصحابة فثبت ظهوره وانتشاره فبطل ما قالوه وتركه تارة لا يدل على أنه ليس بمستحب فإن المستحب يفعل تارة ويترك أخرى ويشترط لسجود الشكر ما يشترط لسجود التلاوة والله أعلم (فصل) ولا يسجد للشكر وهو في الصلاة لأن سبب السجدة ليس منها فإن فعل بطلت صلاته إلا أن يكون ناسيا أو جاهلا بتحريم ذلك فأما سجدة صلى الله عليه وسلم إذا سجدها في الصلاة وقلنا ليست من العزائم فيحتمل أن تبطل بها الصلاة لأنها سجدة شكر ويحتمل أن لا تبطل لأن سببها من الصلاة وتتعلق بالتلاوة فهي كسجود التلاوة والله أعلم * (مسألة) * قال (وإذا حضرت الصلاة والعشاء بدأ بالعشاء) وجملة ذلك أنه إذا حضر العشاء في وقت الصلاة فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة ليكون أفرغ لقلبه، وأحضر لباله، ولا يستحب أن يعجل عن عشائه أو غدائه فإن أنسا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم " وقالت عائشة اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان " رواهما مسلم وغيره ولا فرق بين أن يحضر صلاة الجماعة ويخاف فوتها في الجماعة أولا يخاف ذلك فإن في بعض ألفاظ حديث أنس " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قرب عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه " رواهما مسلم، وقوله وأقيمت الصلاة يعني الجماعة وتعشى ابن عمر وهو يسمع قراءة الإمام، قال أصحابنا إنما يقدم العشاء على الجماعة إذا كانت نفسه تتوق إلى الطعام كثيرا ونحوه قال الشافعي وقال مالك يبدؤون بالصلاة إلا أن يكون طعاما خفيفا وقال بظاهر الحديث عمر وابنه وإسحاق وابن المنذر، وقال ابن عباس لا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شئ. قال ابن عبد البر أجمعوا على أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته ان صلاته تجزئه كذلك إذا صلى حاقبا، وقال الشافعي وأبو حنيفة والعنبري يكره أن يصلي وهو حاقن وصلاته جائزة مع ذلك إن لم يترك شيئا من فروضها، وقال مالك أحب أن يعيد إذا شغله ذلك قال الطحاوي لا يختلفون أنه لو شغل قبله بشئ من الدنيا أنه لا يستحب له الإعادة كذلك إذا شغله البول * (مسألة) * قال (وإذا حضرت الصلاة وهو يحتاج إلى الخلاء بدأ بالخلاء) يعنى إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته سواء خاف فوت الجماعة أو لم يخف لما
(٦٥٥)