وهو بكل خلق عليم) وما يحيا فهو يموت ولان دليل الحياة الاحساس والألم. والألم في العظم أشد من الألم في اللحم والجلد، والضرس يألم ويلحقه الضرس ويحس ببرد الماء وحرارته وما تحله الحياة يحله الموت إذ كان الموت مفارقة الحياة وما يحله الموت ينجس به كاللحم. قال الحسن لبعض أصحابه لما سقط ضرسه أشعرت ان بعضي مات اليوم؟ وقولهم ان سبب التنجيس اتصال الدماء والرطوبات قد أجبنا عنه فيما مضى.
(فصل) والقرن والظفر والحافر ان أخذ من مذكى فهو طاهر وان أخذ من حي فهو نجس لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما يقطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة " رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب، وكذلك ما يتساقط من قرون الوعول في حياتها، ويحتمل ان هذا طاهر لأنه طاهر متصل مع عدم الحياة فيه فلم ينجس بفصله من الحيوان ولا بموت الحيوان كالشعر. والخبر أريد به ما يقطع من البهيمة مما فيه حياة لأنه بفصله يموت فتفارقه الحياة بخلاف هذا فإنه لا يموت بفصله فهو أشبه بالشعر ومالا ينجس بالموت لا بأس بعظامه كالسمك لأن موته كتذكية الحيوانات المأكولة.
(فصل) ولبن الميتة وإنفحتها نجس في ظاهر المذهب وهو قول مالك والشافعي، وروي أنها طاهرة وهو قول أبي حنيفة وداود لأن الصحابة رضي الله عنهم أكلوا الجبن لما دخلوا المدائن وهو يعمل بالإنفحة وهي تؤخذ من صغار المعز فهو بمنزلة اللبن وذبائحهم ميتة.
ولنا أنه مائع في وعاء نجس فكان نجسا كما لو حلب في وعاء نجس، ولأنه لو أصاب الميتة بعد فصله عنها لكان نجسا فكذلك قبل فصله، وأما المجوس فقد قيل إنهم ما كانوا يتولون الذبح بأنفسهم وكان جزاروهم اليهود والنصارى ولو لم ينقل ذلك عنهم لكان الاحتمال موجودا فقد كان فيهم اليهود والنصارى والأصل الحل فلا يزول بالشك، وقد روي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قدموا العراق مع خالد كسروا جيشا من أهل فارس بعد أن نصبوا الموائد ووضعوا طعامهم ليأكلوا، فلما فرغ المسلمون منهم جلسوا فأكلوا ذلك الطعام والظاهر أنه كان لحما، فلو حكم بنجاسة ما ذبح ببلدهم لما أكلوا من لحمهم شيئا، فإذا حكموا بحل اللحم فالجبن أولى، وعلى هذا لو دخل أرضا فيها مجوس وأهل كتاب