(فصل) ويعفى عن يسير دم الحيض لما ذكرنا من حديث عائشة رضي الله عنها وعن سائر دماء الحيوانات الطاهرة، فأما دم الكلب والخنزير فلا يعفى عن يسيره لأن رطوباته الطاهرة من غيره لا يعفى عن شئ منها (1) فدمه أولى ولأنه أصاب جسم الكلب فلم يعف عنه كالماء إذا أصابه وهكذا كل دم أصاب نجاسة غير معفو عنها لم يعف عن شئ منه لذلك.
(فصل) ودم مالا نفس له سائلة كالبق والبراغيث والذباب ونحوه فيه روايتان (إحداهما) أنه طاهر وممن رخص في دم البراغيث عطاء وطاوس والحسن والشعبي والحاكم وحبيب بن أبي ثابت وحماد والشافعي وإسحاق ولأنه لو كان نجسا لنجس الماء اليسير إذا مات فيه فإنه إذا مكث في الماء لا يسلم من خروج فضلة منه فيه ولأنه ليس بدم مسفوح وإنما حرم الله الدم المسفوح (والرواية الثانية) عن أحمد قال في دم البراغيث إذا كثر اني لأفزع منه. وقال النخعي: اغسل ما استطعت. وقال مالك في دم البراغيث إذا كثر وانتشر فاني أرى أن يغسل. والأول أظهر، وقول أحمد اني لأفزع منه ليس بصريح في نجاسته وإنما هو دليل في توقفه فيه، وليس المنسوب إلى البراغيث دم إنما هو بولها في الظاهر وبول هذه الحشرات ليس بنجس والله أعلم. وقال أبو الخطاب: دم السمك طاهر لأن إباحته لا تقف على سفحه ولو كان نجسا لوقفت الإباحة على إراقته بالذبح كحيوان البر ولأنه إذا ترك استحال فصار ماء، وقال أبو ثور: هو نجس لأنه دم مسفوح فيدخل في عموم قوله تعالى (أو دما مسفوحا) (فصل) واختلفت الرواية في العفو عن يسير القئ فروي عن أحمد أنه قال هو عندي بمنزلة الدم وذلك لأنه خارج من الانسان نجس من غير السبيل فأشبه الدم، وروي عنه في المذي أنه قال يغسل ما أصاب الثوب منه إلا أن يكون يسيرا، وروى الخلال باسناده قال: سئل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن المذي يخرج فكلهم قال إنه بمنزلة