(فصل) فإن شك في أثناء الصلاة هل نوى أو لا أوشك في تكبيرة الاحرام استأنفها لأن الأصل عدم ما شك فيه فإن ذكر أنه كان قد نوى أو كبر قبل قطعها أو أخذ في عمل فله البناء لأنه لم يوجد مبطل لها، وان عمل فيها عملا مع الشك فقال القاضي: تبطل وهذا مذهب الشافعي لأن هذا العمل عري عن النية وحكمها فإن استصحاب حكمهما مع الشك لا يوجد، وقال ابن حامد لا تبطل ويبني أيضا لأن الشك لا يزيل حكم النية بدليل ما لو لم يحدث عملا فإنه يبني ولو زال حكم النية لبطلت الصلاة كما لو نوى قطعها، وان شك هل نوى فرضا أو نفلا أتمها نفلا إلا أن يذكر أنه نوى الفرض قبل أن يحدث عملا وإن ذكر ذلك بعد احداث عمل خرج فيه الوجهان المذكوران في التي قبلها، فإن شك هل أحرم بظهر أو عصر فحكمه حكم ما لو شك في النية، لأن التعيين شرط وقد زال بالشك، ويحتمل أن يتمها نفلا كما لو أحرم بفرض فبان أنه قبل وقته.
(فصل) وإذا أحرم بفريضة ثم نوى نقلها إلى فريضة أخرى بطلت الأولى لأنه قطع نيتها ولم تصح الثانية لأنه لم ينوها من أولها فإن نقلها إلى نفل لغير غرض فقال القاضي: لا يصح رواية واحدة لما ذكرناه، وقال في الجامع يخرج على روايتين. وقال أبو الخطاب: يكره ويصح لأن النفل يدخل في نية الفرض بدليل ما لو أحرم بفرض فبان أنه لم يدخل وقته وصحة نقلها إذا كان لغرض، وللشافعي قولان كالوجهين، فأما ان نقلها لغرض صحيح مثل من أحرم بها منفردا فحضرت جماعة فجعلها نفلا ليصلي فرضه في جماعة فقال أبو الخطاب تصح من غير كراهة، وقال القاضي: فيه روايتان (إحداهما) لا يصح لأنه لم ينو النفل من أولها (والثانية) يصح لأنه لفائدة وهي تأدية فرضه في الجماعة مضاعفة للثواب بخلاف من نقلها لغير غرض فإنه أبطل عمله لغير سبب ولا فائدة.
* (مسألة) * قال (وان تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها أجزأه) قال أصحابنا: يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وان طال الفصل أو فسخ نيته بذلك لم يجزه، وحمل القاضي كلام الخرقي على هذا وفسره به وهذا مذهب أبي حنيفة، وقال الشافعي وابن المنذر يشترط مقارنة النية للتكبير لقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) فقوله مخلصين حال لهم في وقت العبادة فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل والاخلاص هو النية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " ولان النية شرط فلم يجز أن تخلو العبادة عنها كسائر شروطها ولنا أنها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها كالصوم وتقديم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا ولا يخرج الفاعل عن كونه مخلصا بدليل الصوم والزكاة إذا دفعها إلى وكيله وكسائر الافعال في أثناء العبادة * (مسألة) * قال (ويرفع يديه إلى فروع أذنيه أو إلى حذو منكبيه)