ولنا أنه طهارة صحيحة أباحت فرضا فأباحت فرضين كطهارة الماء ولأنه بعد الفرض الأول تيمم صحيح مبيح للتطوع نوى به المكتوبة فكان له أن يصلي به فرضا كحالة ابتدائه ولأن الطهارة في الأصول إنما تتقيد بالوقت دون الفعل كطهارة الماسح على الخف وهذه في النوافل وطهارة المستحاضة ولان كل تيمم أباح صلاة أباح ما هو من نوعها بدليل صلاة النوافل، وأما حديث ابن عباس فيرويه الحسن ابن عمارة وهو ضعيف. ثم يحتمل أنه أراد أن يصلي به صلاتين في وقتين بدليل أنه يجوز أن يصلي به صلوات من التطوع ويجمع بين صلاتين فرض ونفل، وإنما امتنع الجمع بين فرضي وقتين لبطلان التيمم بخروج وقت الأولى منهما - إذا ثبت هذا فإن الخرقي إنما ذكر قضاء الفوائت والتطوع ولم يذكر الجمع بين الصلاتين وكذا ذكر الإمام أحمد فيحتمل أن لا يجوز الجمع بين الصلاتين وهو مذهب أبي ثور، والصحيح جواز الجمع لما ذكرنا من الأدلة ولان ما أباح فرضين فائتين أباح فرضين في الجمع كسائر الطهارات، وقال الماوردي ليس للمتيمم أن يجمع بين صلاتين بحال لأن الصلاة الثانية تفتقر إلى تيمم، والتيمم يفتقر إلى طلب، والطلب يقطع الجمع ومن شرطه الموالاة يعني على مذهب الشافعي وهذا ينبغي أن يتقيد بالجمع في وقت الأولى فأما الجمع في وقت الثانية فلا تشترط له الموالاة في الصحيح، فإن قيل فيكف يمكن قضاء الفوائت والترتيب شرط فيجب تقديم الفائتة على الحاضرة فكيف تتأخر الفائتة عنها؟ قلنا يمكن ذلك لوجوه (أحدها) أن يقدم الفائتة على الحاضرة (الثاني) أن ينسى الفائتة ثم يذكرها بعد الحاضرة (الثالث) أن يخشى فوات وقت الحاضرة فيصليها ثم يصلي في بقية الوقت فوائت (الرابع) أنه إذا كثرت الفوائت بحيث لا يمكن قضاؤها قبل خروج وقت الحاضرة فله أن يصلي الحاضرة في الجماعة في أول الوقت ويقدمها على الفوائت في إحدى الروايتين فإنه لابد من تقديمها على بعض الفوائت فلا فائدة في تأخيرها ولأنه لو لزم تأخيرها إلى آخر وقتها للزم ترك الجماعة للحاضرة بالكلية.
" مسألة " قال (وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم ولا إعادة عليه).
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء وخشي العطش أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم. منهم علي وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاك والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، ولأنه خائف على نفسه من استعمال الماء فأبيح له التيمم كالمريض.