ولنا أنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة فلم يجز له الصلاة إلى غيرها كما لو أراد صلاة أخرى ولأنه أداه اجتهاده إلى غير هذه الجهة فلم يجز له الصلاة إليها كسائر محال الوفاق وليس هذا نقضا للاجتهاد وإنما يعمل به في المستقبل كما في الصلاة الأخرى. وإنما يكون نقضا للاجتهاد أن لو ألزمناه إعادة ما مضى من صلاته ولم نعتد له به، فإن لم يبق اجتهاده وظنه إلى الجهة الأولى ولم يؤده اجتهاده إلى الجهة الأخرى فإنه يبني على ما مضى من صلاته لأنه لم يظهر له جهة أخرى يتوجه إليها. فإن بان له يقين الخطأ في الصلاة بمشاهدة أو خبر عن يقين استدار إلى جهة الصواب وبنى كاهل قباء لما أخبروا بتحويل القبلة استداروا إليها وبنوا، وان شك في اجتهاده لم يزل عن جهته لأن الاجتهاد ظاهر فلا يزول عنه بالشك، وان بان له الخطأ ولم يعرف جهة القبلة كرجل كان يصلي إلى جهة فرأى بعض منازل القمر في قبلته ولم يدر أهو في المشرق أو المغرب واحتاج إلى الاجتهاد بطلت صلاته لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة وليست له جهة يتوجه إليها فبطلت لتعذر اتمامها.
(٤٦٧)