مكتوم " متفق عليه. وهذا يدل على دوام ذلك منه والنبي صلى الله عليه وسلم أقره عليه ولم ينهه عنه فثبت جوازه. وروى زياد بن الحارث الصدائي قال: لما كان أول أذان الصبح أمرني النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت فجعلت أقول: أقيم أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إلى ناحية الشرق ويقول لا، حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه فتوضأ فأراد بلال أن يقيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم " قال: فأقمت، رواه أبو داود والترمذي. وهذا قد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاذان قبل طلوع الفجر وهو حجة على من قال: إنما يجوز إذا كان له مؤذنان فإن زيادا أذن وحده، وحديث ابن عمر الذي احتجوا به قال أبو داود: لم يروه إلا حماد بن سلمة ورواه حماد بن زيد والدراوردي فخالفاه وقالا مؤذن لعمر وهذا أصح: وقال علي بن المديني: أخطأ فيه يعني حمادا، وقال الترمذي: هو غير محفوظ وحديثهم الآخر قال ابن عبد البر: لا يقوم به ولا بمثله حجة لضعفه وانقطاعه، وإنما اختص الفجر بذلك لأنه وقت النوم لينتبه الناس ويتأهبوا للخروج إلى الصلاة وليس ذلك في غيرها وقد روينا في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ان بلالا ليؤذن بليل لينتبه نائمكم ويرجع قائمكم " رواه أبو داود، ولا ينبغي أن يتقدم ذلك على الوقت كثيرا إذ كان المعنى فيه ما ذكرناه فيفوت المقصود منه. وقد روي أن بلالا كان بين اذانه وأذان ابن أم مكتوم أن ينزل هذا ويصعد هذا.
ويستحب أيضا أن لا يؤذن قبل الفجر إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح كفعل بلال وابن أم مكتوم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الاعلام بالوقت المقصود بالاذان فإذا كانا مؤذنين حصل الاعلام بالوقت بالثاني وبقربه بالمؤذن الأول.
(فصل) وينبغي لمن يؤذن قبل الوقت أن يجعل أذانه في وقت واحد في الليالي كلها ليعلم الناس