ولنا أنه ماء تردد بين الطهارة والنجاسة مع وجود سببها فأقل أحواله الكراهة والحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يروى عن ابن عباس ولم يثبت أن الوفود كان نجسا ولا أن الحائل كان غير حصين والحديث قضية في عين لا يثبت به نفي الكراهة إلا في مثلها ولا يثبت به نفي الكراهة على الاطلاق (1) (القسم الثالث) إذا كان الحائل حصينا فقال القاضي يكره واختار الشريف أبو جعفر وابن عقيل إنه لا يكره لأنه غير متردد في نجاسته بخلاف التي قبلها: وذكر أبو الخطاب في كراهة المسخن بالنجاسة روايتين على الاطلاق.
(فصل) ولا يكره الوضوء والغسل بماء زمزم لأنه ماء طهور فأشبه سائر المياه وعنه يكره لقول العباس: لا أحلها لمغتسل لكن للمحرم حل وبل. ولأنه يزيل به مانعا من الصلاة أشبه إزالة النجاسة به والأول أولى وقول العباس لا يؤخذ بصريحه في التحريم ففي غيره أولى وشرفه لا يوجب الكراهة لاستعماله كالماء الذي وضع فيه النبي صلى الله عليه وسلم كفه أو اغتسل منه.
(فصل) الذائب من الثلج والبرد طهور لأنه ماء نزل من السماء وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد " متفق عليه. فإن أخذ الثلج فأمره على أعضائه لم تحصل الطهارة به ولو انبل به العضو لأن الواجب الغسل وأقل ذلك أن يجري الماء على العضو إلا أن يكون خفيفا فيذوب ويجري ماؤه على الأعضاء فيحصل به الغسل فيجزئه.
* (مسألة) * قال (ولا يتوضأ بماء قد وضئ به) يعني الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ. والمغتسل في معناه. وظاهر المذهب ان المستعمل في رفع الحدث طاهر غير مطهر لا يرفع حدثا ولا يزيل نجسا. وبه قال الليث والأوزاعي وهو المشهور عن أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وظاهر مذهب الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه طاهر مطهر وبه قال الحسن وعطاء والنخعي والزهري ومكحول وأهل الظاهر، والرواية الثانية لمالك والقول الثاني للشافعي. وروي عن علي وابن عمر وأبي أمامة فيمن نسي مسح رأسه إذا وجد بللا في لحيته أجزأه أن يمسح رأسه بذلك البلل، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الماء