فهو نجس وحكمه حكم أعيان النجاسة فإذا كان الواقف متغيرا وحده فالجرية التي تمر به إن كانت قلتين فهي طاهرة وإن كانت دون القلتين فهي نجسة، وان كانت الجرية متغيرة والواقف قلتان فهو طاهر وإلا فهو نجس، وإن كان بعض الواقف متغيرا وبعضه غير متغير وكان غير المتغير مع الجرية الملاقية له قلتين لم ينجس لأنه ماء زائد عن القلتين لم يتغير فكان طاهرا كما لو كانت الجرية قلتين، وإن كان المتغير منه الواقف يلي الجاري وغير المتغير لا يليه ولا يتصل به من أعلى الماء ولا من أسفله ولا من ناحية من نواحيه وكل واحد منهما دون القلتين فينبغي أن يكون الكل نجسا لأن كل ما يلاقي الماء النجس لا يلغ القلتين، وإن اتصل به من ناحية فكل ما لم يتغير طاهر إذا بلغ القلتين لأنه كالغديرين اللذين بينهما ساقية. وإن شك في ذلك فالماء طاهر لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك والله أعلم.
(فصل) إذا اجتمعت الجريات في موضع فإن كان متغيرا بالنجاسة فهو نجس وإن كثر، وإن كان في بعض الجريات ماء طاهر متوال يبلغ قلتين إما سابقا وإما لاحقا فالجميع طاهر ما لم يتغير لأن القلتين تدفع النجاسة عن نفسها وعما اجتمعت معه، وإن كان المجتمع دون القلتين وفي بعض الجريات شئ نجس فالكل نجس في ظاهر المذهب، وإن كان قلتين إلا أن الجريات كلها نجسة أو بعض الجريات طاهر وبعضها نجس ولا يتوالى من الطاهر قلتان فظاهر المذهب ان الجميع نجس وإن كثر ويحتمل أن يكون طاهرا وهو مذهب الشافعي لقوله عليه السلام " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث " ولأنه ماء كثير لم يتغير بالنجاسة فكان طاهرا كما لو كان متغيرا فزال تغيره بمكثه.
ولنا انه انضم النجس إلى النجس فصار الجميع نجسا كغير الماء، وإن كان بعض الجريات طاهرا لكنه قليل فهو مما لا يدفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولى، فإن كان الماء كثيرا متغيرا بالنجاسة فزال تغيره بنفسه طهر الجميع وإن زال بماء طاهر دون القلتين أو باجتماع ماء نجس إليه فظاهر المذهب انه نجس لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه فلا يدفعها عن غيره ويحتمل أن يطهر لأنه أزال علة التنجيس فأزال التنجيس كما لو زال بنزح أو بمكثه.
(فصل) في تطهير الماء النجس وهو ثلاثة أقسام (أحدها) ما دون القلتين فتطهيره بالمكاثرة بقلتين طاهرتين إما أن يصب فيه أو ينبع فيه فيزول بهما تغيره إن كان متغيرا وان لم يكن متغيرا طهر بمجرد المكاثرة لأن القلتين لا تحمل الخبث ولا تنجس إلا بالتغير ولذلك لو ورد عليها ماء نجس لم ينجسها ما لم تتغير به فكذلك إذا كانت واردة ومن ضرورة الحكم بطهارتهما طهارة ما اختلطا به