ذلك من عادته فيعرفوا الوقت بأذانه ولا يؤذن في الوقت تارة وقبله أخرى فيلتبس على الناس ويغتروا بأذانه فربما صلى بعض من سمعه الصبح بناء على أذانه قبل وقتها وربما امتنع المتسحر من سحوره والمتنفل من صلاته بناء على اذانه ومن علم حاله لا يستفيد بأذانه فائدة لتردده بين الاحتمالين ولا يقدم الاذان كثيرا تارة ويؤخره أخرى فلا يعلم الوقت بأذانه فتقل فائدته (فصل) قال بعض أصحابنا: ويجوز الاذان للفجر بعد نصف الليل وهذا مذهب الشافعي لأن بذلك يخرج وقت العشاء المختار ويدخل وقت الدفع من مزدلفة، ووقت رمي الجمرة وطواف الزيارة وقد روى الأثرم عن جابر قال: كان مؤذن مسجد دمشق يؤذن لصلاة الصبح في السحر بقدر ما يسير الراكب ستة أميال فلا ينكر ذلك مكحول ولا يقول فيه شيئا (فصل) ويكره الاذان قبل الفجر في شهر رمضان، نص عليه احمد في رواية الجماعة لئلا يغتر الناس به فيتركوا سحورهم ويحتمل أن لا يكره في حق من عرف عادته بالاذان في الليل لأن بلالا كان يفعل ذلك بدليل قوله عليه السلام " ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وقال عليه السلام " لا يمنعكم من سحورهم أذان بلال فإنه يؤذن بليل لينبه نائمكم ويرجع قائمكم " (فصل) ويستحب أن يؤذن في أول الوقت ليعلم الناس فيأخذوا أهبتهم للصلاة. وروى جابر بن سمرة قال: كان بلال لا يؤخر الاذان عن الوقت وربما اخر الإقامة شيئا، رواه ابن ماجة وفي رواية قال. كان بلال يؤذن إذا مالت الشمس لا يؤخر ثم لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خرج أقام حين يراه، رواه أحمد في المسند ويستحب أن يفصل بين الأذان والإقامة بقدر الوضوء وصلاة ركعتين يتهيؤون فيها. وفي المغرب يفصل بجلسة خفيفة وحكي عن أبي حنيفة والشافعي انه لا يسن في المغرب ولنا ما روى الإمام أحمد في مسنده باسناده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا بلال، اجعل بين أذانك واقامتك نفسا يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته
(٤٢٣)