أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة، وقال القاضي في رواية أخرى أن الثانية واجبة وقال هي أصح لحديث جابر بن سمرة ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها ويداوم عليها ولأنها عبادة لها تحللان فكانا واجبين كتحللي الحج، ولأنها إحدى التسليمتين فكانت واجبة كالأولى، والصحيح ما ذكرناه وليس نص أحمد بصريح بوجوب التسليمتين إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ابن مسعود وغيره أذهب إليه. ويجوز أن يذهب إليه في المشروعية والاستحباب دون الايجاب كما ذهب إلى ذلك غيره وقد دل عليه قوله في رواية مهنا أعجب إلي التسليمتان، ولان عائشة وسلمة بن الأكوع وسهل بن سعد قد رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة ففيما ذكرناه جمع بين الاخبار وأقوال الصحابة رضي الله عنهم في أن يكون المشروع والمسنون تسليمتين والواجب واحدة وقد دل على صحة هذا الاجماع الذي حكاه ابن المنذر فلا معدل عنه. وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على المشروعية والسنة فإن أكثر أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة مسنونة غير واجبة (1) فلا يمتنع حمل فعله لهذه التسليمة على السنة عند قيام الدليل عليها والله أعلم، ولان التسليمة الواحدة يخرج بها من الصلاة فلم يجب عليه شئ آخر فيها، ولأن هذه صلاة فتجزئه فيها تسليمة واحدة ولأن هذه واحدة كصلاة الجنازة والنافلة، وأما قوله في حديث جابر " إنما يكفي أحدكم " فإنه يعني في إصابة السنة بدليل أنه قال أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه عن يمينه وشماله وكل هذا غير واجب، وهذا الخلاف الذي ذكرناه في الصلاة المفروضة. أما صلاة الجنازة والنافلة وسجود التلاوة فلا خلاف في أنه يخرج منها بتسليمة واحدة،
(٥٩٠)