ذكرنا من حديث عائشة. وروى ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يحل لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن ولا يقوم إلى الصلاة وهو حاقن " قال الترمذي هذا حديث حسن والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها وحضور قلبه فيها، فإن خالف وفعل صحت صلاته في هذه المسألة وفي التي قبلها، وقال ابن أبي موسى إن كان به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه ويشغله عن الصلاة أعاد في الظاهر من قوله لظاهر الحديثين الذين رويناهما وقد ذكرنا ذلك فيما مضى، وقال ابن عبد البر في حديث ثوبان لا يقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث. فهذان من الاعذار التي يعذر بها في ترك الجماعة والجمعة لعموم اللفظ فإن قوله " وأقيمت الصلاة " عام في كل صلاة وقوله " لا صلاة " عام أيضا (فصل) ويعذر في تركهما المريض في قول عامة أهل العلم، قال ابن المنذر لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض، وقد روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا وما العذر يا رسول الله؟ قال - خوف أو مرض لم يقبل منه الصلاة التي صلى " رواه أبو داود وقد كان بلال يؤذن بالصلاة ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض فيقول " مروا أبا بكر فليصل بالناس " (فصل) ويعذر في تركهما الخائف لقول النبي صلى الله عليه وسلم " العذر خوف أو مرض " والخوف ثلاثة أنواع: خوف على النفس، وخوف على المال، وخوف على الأهل (فالأول) أن يخاف على نفسه سلطانا يأخذه أو عدوا أو لصا أو سبعا أو دابة أو سيلا أو نحو ذلك بما يؤذيه في نفسه وفي معنى ذلك أن يخاف غريما له يلازمه ولا شئ معه يوفيه فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له فإن كان قادرا على أداء الدين لم يكن عذرا له، وكذلك إن وجب عليه حد لله تعالى أوحد قذف فخاف أن يؤخذ به لم يكن عذرا له لأنه يجب ايفاؤه، وهكذا إن تأخر عليه قصاص لم يكن له عذر في التخلف من أجله. وقال القاضي: إن كان يرجو الصلح على مال فله التخلف حتى يصالح بخلاف الحدود فإنه لا تدخلها المصالحة ولا العفو وحد القذف ان يرجي العفو عنه فليس بعذر في التخلف لأنه يرجو اسقاطه بغير بدل، ويعذر في تركهما بالمطر الذي يبل الثياب والوحل الذي يتأذى به في نفسه وثيابه قال عبد الله بن الحارث: قال عبد الله بن عباس لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة وقل صلوا في بيوتكم قال: فكأن الناس استنكروا ذلك، قال ابن عباس: أتعجبون من ذلك قد فعل ذلك من هو خير مني ان الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض. متفق عليه، ويعذر في ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة وقد روى ابن ماجة عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة " صلوا في رحالكم " واسناده صحيح ورواه أبو داود ونحوه واتفق عليه
(٦٥٦)