مذهب الشافعي وقد ذكرنا من كلام أحمد ما يدل على أنه لا عبرة بهذا الانقطاع، بل متى كانت مستحاضة أو بها عذر من هذه الاعذار فتحرزت وتطهرت فطهارتها صحيحة وصلاتها بها ماضية ما لم يزل عذرها وتبرأ من مرضها أو يخرج وقت الصلاة أو تحدث حدثا سوى حدثها.
(فصل) فإن كانت لها عادة بانقطاع الدم زمنا لا يتسع للطهارة والصلاة فتوضأت ثم انقطع دمها لم يحكم ببطلان طهارتها ولا صلاتها إن كانت فيها لأن هذا الانقطاع لا يفيد المقصود، وإن اتصل الانقطاع وبرأت وكان قد جرى منها دم بعد الوضوء بطلت طهارتها والصلاة لأنا تبينا أنها صارت في حكم الطاهرات بذلك الانقطاع، وإن اتصل زمنا يتسع للطهارة والصلاة فالحكم فيها كالحكم في التي لم يجر لها عادة بانقطاعه على ما ذكر فيه، وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للطهارة والصلاة لم تصل حال جريان الدم وتنتظر امساكه الا أن تخشى خروج الوقت فتتوضأ وتصلي، فإن شرعت في الصلاة في آخر الوقت بهذه الطهارة فأمسك الدم عنها بطلت طهارتها لأنها أمكنتها الصلاة بطهارة غير ضرورية فلم تصح صلاتها بغيرها كغير المستحاضة. فإن كان زمن امساكه يختلف فتارة يتسع وتارة لا يتسع فهي كالتي قبلها الا أن تعلم أن انقطاعه في هذا الوقت لا يتسع، ويحتمل أنها إذا شرعت في الصلاة ثم انقطع الدم لا تبطل صلاتها لأنها شرعت فيها بطهارة يقينية وانقطاع الدم يحتمل أن يكون متسعا فتبطل ويحتمل أن يكون ضيقا فلا تبطل ولا يزول اليقين بالشك، فإن اتصل الانقطاع تبينا أنه كان مبطلا فبطلت الطهارة والصلاة به.
* (مسألة) * (وأكثر النفاس أربعون يوما) هذا قول أكثر أهل العلم، قال أبو عيسى الترمذي أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما الا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي.
وقال أبو عبيد وعلى هذا جماعة الناس، وروي هذا عن عمر وابن عباس وعثمان بن أبي العاص وعائذ بن عمرو وأنس وأم سلمة رضي الله عنهم وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي، وقال مالك والشافعي أكثره ستون يوما، وحكى ابن عقيل عن أحمد رواية مثل قولهما لأنه روي عن الأوزاعي