واقف لا يجري ليس هو بمنزلة ما يجري فعلى هذا لا يتنجس الجاري إلا بتغيره لأن الأصل طهارته ولا نعلم في تنجيسه نصا ولا إجماعا فبقي على أصل الطهارة ولأنه يدخل في عموم قوله عليه السلام " الماء طهور لا ينجسه شئ " وقوله " الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه " فإن قيل قد ورد الشرع بتنجيس قليله لقوله عليه السلام " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث " قلنا هذا حجة على طهارته لأن ماء الساقية بمجموعه قد بلغ القلتين فلا يحمل الخبث وتخصيص الجرية منه بهذا التقدير تحكم لا دليل عليه ثم الخبر إنما ورد في الماء الراكد ولا يصح قياس الجاري عليه لقوته بجريانه واتصاله بمادته ثم الخبر إنما يدل بمنطوقه على نفي النجاسة عما بلغ القلتين وإنما يستدل هاهنا بمفهومه وقضاء حق المفهوم يحصل بمخالفة ما دون القلتين لما بلغهما وقد حصلت المخالفة بكون ما دون القلتين يفترق فيه الماء الجاري والراكد في التنجيس وما بلغهما لا يختلف وهذا كاف وقال القاضي وأصحابه كل جرية من الماء الجاري معتبرة بنفسها فإذا كانت النجاسة جارية مع الماء فما أمامها طاهر لأنها لم تصل إليه وما خلفها طاهر لأنه لم يصل إليها والجرية التي فيها النجاسة ان بلغت قلتين فهي طاهرة الا أن تتغير بالنجاسة وان كانت دون القلتين فهي نجسة، وان كانت النجاسة واقفة في جانب النهر أو قراره أو في وهدة منه فكل جرية تمر عليها ان كانت دون القلتين فهي نجسة وإن بلغت قلتين فهي طاهرة الا أن تتغير. والجرية هي الماء الذي فيه النجاسة وما قرب منها من خلفها وأمامها - مما العادة انتشارها إليه ان كانت مما ينتشر - مع ما يحاذي
(٣٢)