(القسم الثاني) أن يكون وفق القلتين فلا يخلو من أن يكون غير متغير بالنجاسة فيطهر بالمكاثرة المذكورة لا غير (الثاني) أن يكون متغيرا فيطهر بأحد أمرين بالمكاثرة المذكورة إذا أزالت التغير أو بتركه حتى يزول تغيره بطول مكثه (القسم الثالث) الزائد عن القلتين فله حالان (أحدهما) أن يكون نجسا بغير التغير فلا طريق إلى تطهيره بغير المكاثرة (الثاني) أن يكون متغيرا بالنجاسة فتطهيره بأحد أمور ثلاثة المكاثرة أو زوال تغيره بمكثه أو أن ينزح منه ما يزول به التغير ويبقى بعد ذلك قلتان فصاعدا، فإنه إن بقي ما دون القلتين قبل زوال تغيره لم يبق التغير علة تنجيسه لأنه تنجس بدونه فلا يزول التنجيس بزواله ولذلك طهر الكثير بالنزح وطول المكث ولم يطهر القليل، فإن الكثير لما كانت علة تنجيسه التغير زال تنجيسه بزوال علته كالخمرة إذا انقلبت خلا والقليل علة تنجيسه الملاقاة لا التغير فلم يؤثر زواله في زوال التنجيس.
(فصل) ولا يعتبر في المكاثرة صب الماء دفعة واحدة لأن ذلك غير ممكن، لكن يوصل الماء على ما يمكنه من المتابعة اما من ساقية وإما دلوا فدلوا أو يسيل إليه ماء المطر أو ينبع قليلا قليلا حتى يبلغ قلتين فيحصل به التطهير.
(فصل) فإن كوثر بما دون القلتين فزال تغيره أو طرح فيه تراب أو مائع غير الماء أو غير ذلك فزال تغيره به ففيه وجهان (أحدهما) لا يطهر بذلك لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولى ولأنه ليس بطهور فلا يحصل به الطهارة كالماء النجس (والثاني) يطهر لأن علة نجاسته التغير وقد زال فيزول التنجيس كما لو زال بمكثه وكالخمرة إذا انقلبت خلا (1).
(فصل) ولا يطهر غير الماء من المائعات بالتطهير في قول القاضي وابن عقيل، قال ابن عقيل إلا الزئبق فإنه لقوته وتماسكه يجري مجرى الجامد لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السمن إذا وقعت فيه الفأرة فقال " إن كان مائعا فلا تقربوه " (2) رواه أبو داود، ولو كان إلى تطهيره طريق لم يأمر بإراقته، واختار أبو الخطاب أن ما يتأنى تطهيره كالزيت يطهر به لأنه أمكن غسله بالماء فيطهر به كالجامد وطريق تطهيره جعله في ماء كثير ويخاض فيه حتى يصيب الماء جميع أجزائه ثم يترك حتى يعلو على الماء فيؤخذ، إن تركه في جرة فصب عليه ماء فخاضه به وجعل لها بزالا يخرج منه الماء جاز. والخبر ورد في السمن، ويحتمل أن لا يمكن تطهيره لأنه يجمد في الماء، ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الامر بتطهيره لمشقة ذلك وقلة وقوعه.