الليل مع النهار في الصوم ولأنه قدر يدفع النجاسة عن نفسه فاعتبر تحقيقه كالعدد في الغسلات والصحيح أن ذلك تقريب لأن الذين نقلوا تقدير القلال لم يضبطوهما بحد إنما قال ابن جريح القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا وقال يحيى بن عقيل: أظنها تسع قربتين وهذا لا تحديد فيه فإن قولهما يدل على أنهما قربا الامر والشئ الزائد عن القربتين مشكوك فيه مع أنه يقع على المجهول والظاهر قلته لأن لفظه يدل على تقارب ما بين الامرين المذكورين وكلما قل الشئ كان أقرب إلى القربتين وكلام أحمد يدل على هذا فإنه روي عنه ان القلة قربتان وروي قربتان ونصف وروي وثلث وهذا يدل على أنه لم يحد في ذلك حدا. ثم ليس للقربة حد معلوم فإن القرب تختلف اختلافا. كثيرا فلا يكاد قربتان يتفقان في حد واحد لهذا لو اشترى منه شيئا مقدرا بالقرب أو أسلم في شئ محدود بالقرب لم يجز ذلك ولان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن الناس لا يكيلون الماء ولا يزنونه فلم يكن ليعرفهم الحد بما لا يعرف به وإنما أراد أن من وجد ماء فيه نجاسة فظنه مقاربا للقلتين توضأ منه وان ظنه ناقصا عنهما من غير مقاربة لهما تركه. وفائدة هذا ان من اعتبر التحديد فنقص عن الحد شيئا يسيرا لم يعف عنه ونجس بورود النجاسة عليه، ومن قال بالتقريب عفي عن النقص اليسير عنده وتعلق الحكم بما يقارب القلتين وإن شك في بلوغ الماء قدرا يدفع النجاسة أو لا يدفعها ففيه وجهان (أحدهما) يحكم بطهارته لأنه كان
(٢٨)