الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر وعليك إذا عملت عملا مشروعا أن تحسنه فإنه من حسن عمله بلغ أمله وحسن العمل أن تعمله كما شرع الله لك أن تعمله وأن ترى الله تعالى في عملك إياه فإن رسول الله ص فسر الإحسان بما ذكرناه فقال في الثابت عنه الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وإذا أردت أن تأتي الجمعة فاغتسل لها فإن الغسل وإن كان واجبا عليك يوم الجمعة لمجرد اليوم فإنه قبل الصلاة للصلاة أفضل بلا خلاف فإذا توضأت كما ذكرت لك في باب الوضوء من هذا الكتاب فامش إلى الجمعة وعليك السكينة والوقار ولا تفرق بين اثنين إلا أن ترى فرجة فتاوى إليها وتقرب من الخطيب وأنصت لكلامه إذا خطب ولا تمسح الحصى فإن مسح الحصى لغو ولا تقل لمتكلم أنصت والإمام يخطب فإن ذلك من اللغو وفرع قلبك لما يأتي به من الذكر فإن المؤمن ينتفع بالذكرى ولتلبس أحسن ثيابك وتمس من الطيب إن كان معك ولتهجر ما استطعت وإن أردت الخروج من الخلاف في التهجير فتسعى إليها في أول ساعة من النهار تكن من أصحاب البدن وتدنو من الإمام ما استطعت وإن كان لك أهل فلتجعلهم يغتسلون يوم الجمعة كما اغتسلت وإن كنت جنبا فاغتسل غسلين غسل الجنابة وغسل الجمعة فهو أولى فإن لم تفعل فاغتسل للجنابة فعسى يجزيك عن غسل الجمعة فإنه قد ثبت من غسل واغتسل وبكر وابتكر وعليك بالوضوء على الوضوء فإنه نور على نور ولقيت على ذلك جماعة من الشيوخ ببلاد المغرب يتوضؤن لكل صلاة فريضة وإن كانوا على طهارة وأما التيمم لكل فريضة فالدليل في وجوب ذلك أقوى من قياسه على الوضوء وإليه أذهب فإن نص القرآن في ذلك ولولا إن رسول الله ص شرع في الوضوء ما شرع من صلاة فريضتين فصاعدا بوضوء واحد لكان حكم القرآن يقتضي أن يتوضأ لكل صلاة وبالجملة فهو أحسن بلا خلاف فإن الوضوء عندنا عبادة مستقلة وإن كان شرطا في صحة عبادة أخرى فلا يخرجه ذلك عن أن يكون عبادة مستقلة في نفسه مرادا لعينه وتحفظ أن تؤذي شخصا قد صلى الصبح فإنه في ذمة الله فلا تحقر الله في ذمته وما رأيت أحدا يدعي هذا القدر في معاملته الخلق وقد أغفله الناس فإنه قد ثبت عن رسول الله ص أنه قال من صلى الصبح فهو في ذمة الله فإياك إن يتبعك الله بشئ من ذمته وحافظ كل يوم على صلاة اثنتي عشرة ركعة فإنه قد ثبت الترغيب في ذلك عن رسول الله ص وحافظ على صلاة العصر فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله وإذا قعدت في مسجد أو في مجلسك أو حيث كنت فاقعد على طهارة منتظرا دخول وقت الصلاة واجعل موضع جلوسك مسجدك فإن الأرض كلها مسجد بالنص وإن كان في المسجد المعروف في العرف كان أفضل فإنه من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح وقد ثبت عن رسول الله ص أنه قال من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهن تحط عنه خطيئة والأخرى ترفع له درجة وعليك من قيام الليل بما يزيل عنك اسم الغفلة وأقل ذلك أن تقوم بعشر آيات فإنك إذا قمت بعشر آيات لم تكتب من الغافلين هكذا ثبت عن المبلغ ص عن الله وحافظ في السنة كلها على القيام كل ليلة ولو بما ذكرت لك ولا تهمل الدعاء في كل ليلة واجعل من دعائك السؤال في العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة فإنك لا تدري متى تصادف ليلة القدر من سنتك فإني قد أريتها مرارا في غير شهر رمضان فهي تدور في السنة وأكثر ما يكون في شهر رمضان وأكثر ما تكون في ليلة وتر من الشهر وقد تكون في شفع وقد أريتها في ليلة الثامن عشر من الشهر وقد أريتها في العشر الوسط من رمضان فإن زدت على عشر آيات في قيام الليل فأنت بحسب ما تزيد فإن زدت إلى المائة كتبت من الذاكرين وإن زدت إلى ألف آية كتبت من المقسطين وعليك بصيام ستة أيام من شوال ولتجعلها من ثاني يوم من شوال متتابعات إلى أن تفرع لتخرج بذلك من الخلاف وإذا قضيت أيام رمضان من مرض أو سفر فاقضه متتابعا كما أفطرته متتابعا تخرج بذلك من الخلاف فإن شهر رمضان متتابع الأيام في الصوم وإن قدرت أن تشارك في فطرك صائما أو تفطر صائما فافعل فإن لك أجره أي مثل أجره وعليك إن كنت مجاورا بمكة بكثرة
(٤٨٦)