والافتقار لأنهم لو لم يفتقروا لما أعطاهم الحق ما حجبهم به وأتعبهم فيه وأمرهم بأداء ما يجب عليهم فيه من حقه وحق من له فيه استحقاق كالزكاة وغيرها فما وقفوا مع الأصل وهو فقرهم بل قالوا لما فرض الله عليهم الزكاة في أموالهم هذه أخية الجزية وأين لئن أتانا الله من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون وقالوا ما ذكرناه فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون فلو ثبتوا على ما أعطاهم الحق ولم يطلبوا الزيادة لم يعطهم سوى ما يبقى عليهم الخلق الذي أعطاهم حين أعطى كل شئ خلقه فيحفظ عليه خلقه دائما فإياك والافتقار فما حجب الأغنياء سواه لافتقارهم إلى الزيادة فيما في أيديهم وما اقتنعوا ومن ذلك المقت بالوقت مقرون فإن فاتا * فلتحمد الله شكرا عند ما فاتا واعلم بأن له حقا عليك إذا * فت الذي كان قبل المقت قد ماتا (مقت الوقت) قال إذا عامل صاحب الوقت وقته بما يجب له فادى حقه سلم من المقت فيه فإذا علق همه في وقته بما خرج عن وقته فهو في وقته صاحب مقت لشغله بالمعدوم عن الموجود والأدب لا يكون إلا مع الحاضر حتى إن الغائب إذا تؤدب معه لا يتأدب معه من حيث هو غائب وإنما يتأدب مع اسمه إذا ذكر وإذا ذكر الغائب فقد حضر اسمه في لفظ الذكر له فما وقع الأدب إلا مع حاضر فإن المذكور جليس الذاكر إياه بالذكر فلا تشغل نفسك بما خرج عن وقتك فتكون ممن مقته الوقت ومن مقته الوقت فذلك مقت الله فاحذر ومن ذلك ما فرحة تعقبها ترحة * يفرح من يعقلها هكذا بها فإن الله أخبرنا * صدقا بما يعقبها من أذى (الفرح ترح) قال إذا علم من فرح خاص من شأن النفوس أن تفرح به إن الله لا يحب الفرح بذلك الفرح وذكر قوله تعالى إن الله لا يحب الفرحين فعلمنا أنه فرح بأمر معين فعاد فرحه بذلك ترحا فحزن لفرحه على قدر فرحه فإن كان عظيما عظم حزنه وإن كان دون ذلك كان الحزن والترح بحسبه ثم إن الله أمر عباده أن يفرحوا بفضل الله وبرحمته لا بما يجمعه من المال فإنه يتركه بالموت في الدنيا ولا يقدمه فأمرك بالفرح بالفضل والفضل ما زاد على ذلك لكنه أيضا من خلق الفضل فأعطى الفضل خلقه ولم يكن له ظهور إلا فيك فاحمد الله حيث جعلك محلا لفضله ورحمته فافرح لأمره إياك بالفرح تجني ثمرة أداء الواجب في الفرح ومن ذلك يمرضني الحق إذا أعرضا * يا ليت من أمرضني مرضا وليته يأتي إلي بما * يعقبني إتيانه من رضي (أشد الأمراض الإعراض) قال ما يصح الإعراض على الإطلاق فإنه ما ثم إلى أين وإنما يصح الإعراض المقيد ومنه المذموم وهو أشد مرض يقوم بالقلوب وقال الإعراض عن الآيات التي نصبها الحق دلائل عليه دليل على عدم الإنصاف واتباع الهوى المردي وهو علة لا يبرأ منها صاحبها بعد استحكامها حتى يبدوا له من الله ما لم يكن يحتسب فعند ذلك يريد استعمال الدواء فلا ينفع كالتوبة عند طلوع الشمس من مغربها لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في في إيمانها خيرا والايمان عند حلول البأس وعند الاحتضار والتيقن بالمفارقة وقال الإعراض عن الله لا يتصور وكذلك الإعراض عن الخلق مطلقا لا يتصور فما هو الفارق ومن ذلك إذا قامت الأغراض بالنفس أنه * لتعقبها الأمراض إن كان ذا نفس وكل كريم لم ينلها فإنه * تحل به الآلام من حضرة القدس
(٤٤٠)