ذاته ليظهر فيها حكم صفاته أو سماته فهو أصل الجود حيث انفعل للوجود حتى اتصف بأنه موجود فظهر فيه الاقتدار ووصف بالافتقار والاضطرار فقبل هذا الوصف تظرفا وطلب من الحق تعرفا لما رأى حاجة الأسماء إليه وتعولها عليه والأمر عند أهل النظر الفكري بعكس ما ذكرناه وما بيناه حين سردناه وليس التحقيق والحق إلا فيما أشرنا إليه وأردناه وهذا أنفس علم يكون وهو الذي قيل به للشئ كن فكان ويكون به كل مكون ومن ذلك ما هي أسباب التولي الإلهي من الباب 149 نحن أسبابه وإهابه ومنا أعداؤه وأحبابه فمن خرج مضطرا وكان وجهه مكفهرا فهو العدو المبين وهو الذي إذا حدث يمين ومن خرج طيب النفس مطيعا حاز الأمر جميعا فهو البلد الأمين والمخلوق في أحسن تقويم والظاهر بصورة القديم فهذا سبب حصول العالم في القبضتين وخلق الدارين وتعيين النجدين فأما شاكرا وإما كفورا وإما ساخطا متضجرا وإما راضيا صبورا فتولى الله العالم إظهارا لملكه وانخراطا في سلكه وتولاه بأسمائه الحسنى وأحله منه المحل الأسنى وجعل قربه منه قاب قوسين أو أدنى هذا غاية قرب الخلق من الحق وجعل قربه من العبيد أقرب من حبل الوريد وهذا غاية قرب الحق من الخلق فالأمر بين قربين وما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين لكنه جعل لكل قلب وجهين لأنه خلق من كل زوجين اثنين فبنى الجمع على الشفع فلم يكن وتريته سوى وترية الكثير وبهذا نطق الكتاب المنير فما شهد عليه سواه وما انتهك أحد من المخلوقين حماه ولا ينبغي ذلك فكل شئ سوى وجهه هالك وما ثم سوى حتى نقول بالسوى العين واحدة والأحكام ناقصة وزائدة فاطلب على ما أشرت إليه تحصل على الفائدة فهذه أسرار لا بل هي أنوار ما عليها غبار وإن عميت عنها الأبصار وتعالت عن مدارك الاعتبار وحكم الأغيار وإليه الإشارة بنعم عقبى الدار وأنت الدار وعليك المدار ومن ذلك ولاية البشر عين الضرر من الباب 150 إني جاعل في الأرض خليفة يؤمن به من كل خيفة أعطاه التقليد ومكنه من الإقليد فتحكم به في القريب والبعيد وجعله عين الوجود وأكرمه بالسجود فهو الروح المطهر والإمام المدبر شفع الواحد عينه وحكم بالكثرة كونه وإن كان كل جزء من العالم مثله في الدلالة ولكنه ليس بظل فلهذا انفراد بالخلافة وتميز بالرسالة فشرع ما شرع واتبع واتبع فهو واسطة العقد وحامل الأمانة والعهد حكم فقهر حين تحكم في البشر فظهر النفع والضرر فأول من تضرر هو كما ذكر ثم إنه لم يقتصر حتى آذى الحق وسبه وأعطاه قلبه وعلم أنه ربه فأحبه ولما حسده وغبطه أغضبه وأسخطه ثم بعد ذلك هداه وأرضاه واجتباه فلولا قوة الصورة ما عتى ولا لرجوعه إلى الحق سمي فتى فظهر بالجود في إزالة الغرض وأزال بزواله المرض وقام الأمر على ساق وحصل القمر في اتساق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإن السلطان ناطق خالق والقرآن ناطق صامت فحكمه حكم المائت لا يخاف ولا يرجى ولا يطرد ولا يزجي وما استند الصديقون إليه ولا عول المؤمنون عليه إلا لصدق ما لديه فالقرآن أحق بالتعظيم من السلطان لأنه الكلام المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد لا راد لأمره ولا معقب لحكمه يصدق في نطقه ويعطي الشئ واجب حقه فهو النور والسلطان قد يجور ومن ذلك نصرة الملك في حركة الفلك من الباب الواحد والخمسين ومائة حركات الأفلاك مخاض لولادة الأملاك أطت السماء وحق لها أن تئط وغطت وحقيق لها أن تغط ما فيها قيد فتر ولا موضع شبر إلا وفيه ملك ساجد لربه حامد فهم في الأفلاك كما هي في بطون الأمهات الأجنة ولهذا سموا بالجنة فهم المسبحون في بطون الأمهات إلى أن يحيي الله من أمات فعند ذلك تقع لهم الولادة والخروج إلى عالم الشهادة وقد أشبه بعضهم بعض الحيوان مما ليس بإنسان فولد ورجع إلى بطن أمه إلى يومه وتميز بهذا القدر عن قومه كجبريل وغيره بما أنزلهم به من خيره وضيره ولا تلد إلا عن انشقاق وذهاب عين بالإنفاق فتبدل الأرض ولا تبدل السماء إلا أنه ينكشف الغطاء ومن ذلك الإخبار في الأخبار من الباب 152 الأخبار تعرب عن الأسرار والأخبار تشهد للمؤمن بالإيمان والبهتان والدليل خبر الهدهد فيما أخبر به سليمان قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين فإن شهد
(٣٥٩)