المخلوق فارتفعت عنه الحقوق له الحق لا عليه فلا يلتفت إليه الالتفات إلى من بيده أزمة الأمور ويعلم ما في الصدور وبيده مقاليد السماوات والأرض وميزان الرفع والخفض فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء فيعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير ولم يضف الشر إليه وهو الحكيم الخبير وليس كمثله شئ وهو السميع البصير لا يبدل القول لديه فحكم به عليه فلا يعرف المضطر إلا من أطعم القانع والمعتر اضطرار لا إجبار والمخلوق جبر في اختبار المخلوق مجبور في اختياره مختار في حال اضطراره لولا التردد ما ظهر الاضطرار وإن لم يحكم على صاحبه افتقار ما كل اضطرار يكون معه الافتقار الافتقار يطلب المستند وما قال بخلاف ذلك أحد والمضطر في حكمه مع ما سبق في علمه فلا يحكم حكم إذا عدل وما ظلم إلا بما علم ولا سيما مع ارتفاع التهم من العلم صفته فالعدل شيمته فحكمه بالعلم حكم المضطر في الحكم ما في الكون إلا العلم لكن بقي الفهم إذا علم الجائر أنه جائر فليس بجاهل ولا غافل ما حكم إلا بما وجد ولا أمضى إلا ما شهد وما بقي إلا أن يعتقد أنه الحكم الإلهي أو لا يعتقد بهذا تميزت النحل وافترقت الملل فمن ناظر إلى الحكم الإلهي في الأصول ومن ناظر إلى الحكم الإلهي في الشرع المنقول وكل واحد وقف مع دليله على سواء سبيله وفرق بين عقده وقيله فمن قائل بمقيله ومن قائل برحيله فالناس بين حال ومرتحل ومنفصل وآخر في انفصاله متصل ومن ذلك السيادة عبادة من الباب 132 السيد خادم فهو في العبادة قائم ففرق بين السادات والعبيد من يقول بالمراد والمريد السيد أحق باسم العبودة من الغير لأن بيده جميع الخير له النفوذ والقصد والأمر من قبل ومن بعد يحكم في عبده لعبده فهو بحكم عبده لو حكم لنفسه لبقى في قدسه وأين لسيادة مع العبادة كلما قلت سيدي * قال لي أنت مالكي * سد والله كون عبدي * على مسالكي مالنا عنه صارف * في جميع المدارك * لست في عينه ولا * فعله بالمشارك فهو المالك الذي * ليس يدعى بالمالكي * وأنا الخادم الذي * يعتني بالممالك قلت يا رب عصمة * من سبيل المهالك * قال سمعا فأنت عندي * من أهل الأرائك في سرور وغبطة * لا من أهل الدرائك لا تكن من الملوك فإن الملك مملوك وحصلت شمسه في الدلوك واغتر السالك بالسلوك لانتظامه في أهل الأقراط والسلوك من ملكت يمينه فقد عرق جبينه من صحت سيادته صح تعبه وكثر والله نصبه هم لازم وغم دائم لأنه حاكم لا يحكم في عبده إلا بحاله فهو الضعيف في شدة محاله لين في عنف وقوة في ضعف ولو ترك خدمة عبده انعزل وكان ممن عصى المرتبة فزل فما خدم سيد سوى نفسه لو خدم أبناء جنسه ومن ذلك سر الدعابة صلابة من الباب 133 إذا مزحت فقلل ولا تعلل من التزم الحق في مزحه سعى في فلاحه ما أصاب عليا رضي الله عنه ما أصابه إلا من الدعابة لذا قال له أبو هريرة وقد رجم على كعبه بالحصباء وما تأبى لذا أخروك وما أمروك فإن صحت الرواية ففي هذا كفاية مازح العجوز وذا التغير ولا نقل إلا الخير ما فعل بعيرك الشارد من أحسن مزاج العوائد فأجابه ذلك الإنسان فقال قيده يا رسول الله الايمان وقال يا أبا عمير ما فعل النغير بعطف وتبسم وما حجبه المنصب عن التلطف بالصغير والتهمم وقال إن العجز لا يدخلن الجنة يعرفها بما لله عليها من المنة لرده عليها شبابها وخلعه سبحانه عليها جلبابها فإن لم يكن المزاح هكذا وإلا فهو أذى والأذى من الكريم محال ولا سبيل إلى هذا القول بحال لولا صلابة الدين ما كان من المازحين لأنه يذهب بالهيبة والوقار عند المطموسين الأبصار ألا ننظر إلى رب العباد في قصة هناد حين أخرجه واستدرجه إلى أن قال له أتهزأ بي وأنت رب العالمين فأضحكه وهذا القول كان المقصود من الله به ولهذا ما أهلكه بل أعطاه وخوله وملكه فسرت هذه الحقيقة في كل طريقه وظهرت في كل شيمة وخليقة فعمت الوجود وحكمت على الشاهد والمشهود فلو لم تكن من جملة النعم ما صح بها النعيم ولا تصف بها النبي الكريم ولا ظهر حكمها في المحدث والقديم ولكن يا أيها الإنسان لا تقل بالتطفيف في الميزان
(٣٥٥)