إنه قنع وإنه يعلم أن ثم أمرا يمكن أن يجوزه إليه ويحصله لديه وإنما علم بالحال أن ذلك محال فقنع بما وجد وقال ما ثم إلا ما شهد ألا تراه إذا فتح الحق عينه ببصره وفتق سمعه إلى صدق خبره يطمع ويطمع ويجمع ولا يقنع ومن هنا أمره الحق أمرا حتما أن يقول رب زدني علما فمن قنع جهل وأساء الأدب فلا يزهد في الطلب فإن الله ما أراد منك في هذا الأمر إلا دوام الافتقار ووجود الاضطرار فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب ولا نقطع المعاملة وعليك باستعمال المراسلة في طلب المواصلة مواصلة لا أمد لانقضائها ولا راد لقضائها فاليدان مبسوطتان واليدان مقبوضتان قبضت ما أعطاها الخلق وانبسطت بما يجود به الحق فلا يقبض الحق من العباد إلا بما به عليهم جاد فمنه بدأ الجود وإليه يعود فالمزيد فيما يقبضه العبيد وما بيد مخلوق سوى مخلوق فيا من يطلب القديم أنت عديم لا يقبل الحق إلا الحق ولا يهب الخلق إلا الخلق فالزم عملك وقصر أملك وقل له تعالى إنما نحن بك ولك خلقتنا لنعبدك فطلبنا منك أن نشهدك فعلى قدر ما سألنا من الشهادة ينقصنا من العبادة وعلى الله قصد السبيل وهو الدال والمدلول والدليل ومن ذلك المثابرة على الجمع لما يقع به النفع من الباب 117 ما أثر الحرص في القدر إلا لكونه من القدر وكم حريص لم يحصل على طائل لعدم القابل العطاء عام والنفع خاص وتدبر قوله فتنادوا ولات حين مناص عم التنادي وما عمت الإجابة لما لم تقع هنا الإنابة الملازمة ملائمه وهي من حكم الطبع وإن جهلت من قصرت همته عن طلب المزيد فليس من العبيد لا تستكثر ما يهبك الحق ولو وهبك كل ما دخل في الوجود فإنه قليل بالنظر إلى ما بقي في خزائن الجود إياك والزهد في المواهب فإنه سوء أدب مع الواهب فإنه ما وهبك إلا ما خلقه لك وخذه من حيث ما فيه من وجهه تعثر على كنهه ومن ذلك سر الاعتماد في العباد من الباب 118 لما كانت العبودية تطلب بذاتها الربوبية كان الاعتماد منها عليها حقيقة وخليقة ولجهلهم بحكمه ومعرفتهم بعلمه وتوفيته لرزقه في خلقه وطلبه منهم ما لا يقدرون على أدائه إلا به من واجب حقه وعلموا أن الوجوب في الحقيقة مضاف إليه وأن الأمور كلها في يديه اعتمدوا واعتمادهم منه عليه فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون فعلموا أنهم كانوا من الذين لا يعلمون فلو ارتفعت الحاجات وزالت الفاقات وانعدمت الشهوات وذهبت الأغراض والإرادات لبطلت الحكمة وتراكمت الظلمة وطمست الأنوار وتهتكت الأستار ولاحت الأسرار وزال كل شئ عنده بمقدار فذهب الاعتبار وهذا لا يرتفع ولا يندفع فلا بد من الاعتماد في العباد ومن ذلك سر الاعتياد المعتاد من الباب 119 ما ثم عين تعاد فأين المعتاد الآثار دارسة والأعين مطموسة لا بل طامسة فقالت للشبه وقوة الشبه مع فقد الأعيان ووجود الأمثال هذا هو عين الذي كان فلو قالت هذا هو عين هذا لعلمت أن هذا ما هو هذا لأنها أشارت إلى اثنين ولا يخفى مثل هذا على ذي عينين ما حجب الرجال إلا وجود الأمثال ولهذا نفى الحق المثلية عن نفسه تنزيها لقدسه وكلما تصورته أو مثلته أو تخليته فهو هالك وإن الله بخلاف ذلك هذا عقد الجماعة إلى قيام الساعة وعندنا هو ذلك فما ثم هالك ومن ذلك سر المزيد في تحميد الوجود من الباب الموفي عشرين ومائة يا راقد كل طالب فاقد أوامر الحق مسموعة مطاعة إلى قيام الساعة لكن الأوامر الخفية لا الأوامر الجلية فإن شرعه عن أمره وما قدره كل سامع حق قدره فلما جهل قدره عصى نهيه وأمره الحمد يملأ الميزان وما ملأه سوى سابغ النعم والإحسان فعين الشكر عين النعم ومن النعم دفع النقم كم نعمة لله أخفاها شدة ظهورها واستصحاب كرورها على المنعم عليه ومرورها وهم في غفلة معرضون ولكن أكثر الناس لا يعلمون بل لا يشعرون بل لا يشكرون الفضل في البذل والبذل في الفضل وفي الأصل من الفضل كيف يصح المزيد وقد أعطى كل شئ خلقه ووفاه حقه فلا يتسع للزائد فلما ذا طولب بالشكر والمحامد والخلق لله ليس له فمن كبره وهلله وهذا كله مخلوق وهو على العبد من أوجب الحقوق فما عمل أحد إلا ما أهل له ممن كبره أو هلله وما هو إلا من حيث إنه محل لظهوره وفتيلة لسراجه ونوره ومن ذلك وقوف التائه مع التافه من الباب الأحد والعشرين ومائة متاع الدنيا قليل وكل ما فيها أبناء سبيل فما من قبيل
(٣٥٠)