والإكرام فالتزم الجلال والإكرام التزم الألف واللام فكان الجلال للتنزيه عن التشبيه وكان الإكراه للتنويه به في نفي التشبيه بالشبيه فقال ليس كمثله شئ مع أنه ظل وفئ فجعله مثلا لا يماثل ومفضولا لا يفاضل فليل هذه النشأة جسمه الطبيعي ونهاره ما نفخ فيه الروح العقلي فكان أعدل الفتائل لقبول كرم الشمائل فله الألطاف الخفية وجزيل الأعطية المنزهة عن الكمية لها فتح الباب والعطاء بغير حساب النشأة الإنسانية بجميعها ليل وفي الثلث الآخر منها يكون النزول الإلهي لينيله أجزل النيل ولم يكن الثلث الأخير إلا الروح المنفوخ الذي له الثبات والرسوخ والعلو على الثلثين والشموخ فالثلث الأول هيكله الترابي والثلث الثاني روحه الحيواني والثلث الأخير به كان إنسانا وجعل الباقي له أعوانا ومن ذلك سر تعشق القوم بالنوم من الباب 96 الخيال عين الكمال لولاه ما فضل الإنسان على سائر الحيوان به جال وصال وافتخر وطال وبه قال ما قال من سبحاني وإنني أنا الله وبه كان الحليم الأواه فله الشتات والجمع بين أضداد الصفات حكم على المحال والواجب بما شاءه من المذاهب يخرق فيهما العادة ويلحقهما بعالم الشهادة فيجسد عما في عين الناظر ويلحق الأول في الحكم بالآخر لا يثبت على حال وله الثبوت على تقلب الأحوال فله من آي القرآن ما جاء في سورة الرحمن من أنه تعالى كل يوم هو في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب فإنا من جملة نعمائك ومن ذلك سر الحذر من القدر لاتقاء الضرر من الباب 97 سر القدر وساطة الحق بين المؤثر والمؤثر فيه والأثر فينسب الأثر إليه وهو ما أوجده إلا على ما كان عليه ولا شئ منه في يديه ما حكم فيه إلا بما أعطاه من ذاته في ذاته وفي جميع أحواله وأسمائه وصفاته والذي يختص بالموجود أعطى الوجود والشهود وهي نسب لا أعيان وتكوينات لا أكوان والعين هي العين لا أمر زائد فالشأن واحد فمن سر القدر كان العالم سمع الحق والبصر وهذا العلم هو الذي يعطيه إقامة الفرائض المشروعة الواجبة المسموعة كما أعطت النوافل أن يكون الحق سمعك وبصرك فحقق فيما أبديته لك نظرك فإنك إذا علمت حكمت ونسبت ونصبت وكنت أنت أنت وصاحب هذا العلم لا يقول قط أنا الله وحاشاه من هذا حاشاه بل يقول أنا العبد على كل حال والله الممتن علي بالإيجاد وهو المتعال ومن ذلك سر الأمان من الايمان من الباب 98 أخوة الايمان تعطي الأمان والايمان يمان فذهب الحرمان لا تخيفوا النفوس بعد أمنها إن كنتم عقلا ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم إن كنتم أمنا الايمان برزخ بين إسلام وإحسان فله من الإسلام ما يطلبه عالم الأجسام ومحل الانقسام وله من الإحسان ما يشهد به المحسان فمن آمن فقد أسلم وأحسن ومن جمع بين الطرفين فاز بالحسنيين بالإيمان ثبت النسب بينك وبين الرحمن فهو المؤمن بك ولك وإن أقامك فيما يناقض أملك لولا أسماء الحذر ما كان للأمان أثر قيدت الأسماء بالحسنى لدلالتها على المسمى الأسنى فإن نظر العالم إلى تشتت مبانيها واختلاف معانيها وفيما ذا تتحد وبما ذا تنفرد بإخوة الايمان ترث فلا تأسف على إخوة النسب ولا تكترث المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه وما ترك فهو يتسلمه الايمان والإحسان إخوان والإسلام بينهما نسب رابط فلا تغالط الإسلام صراط قويم والايمان خلق كريم عظيم والإحسان شهود القديم لولا الإحسان ما عرف صورته الإنسان فإن الايمان تقليد والعلم في شاهد ومشهود إذا صح الانقياد كانت علامته خرق المعتاد المؤمن من أمن جاره بواثقه والمحسن من قطع منه علائقه والمسلم من حقق عوائقه وجعلها إلى مطلوبه طرائقه فسلك فيها سواء السبيل ولم يجنح إلى تأويل فعرس في أحسن مقيل في خفض عيش وظل ظليل في سدر مخضود وطلح منضود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة ومن ذلك سر الأمل مع توقع الأجل من الباب 99 من مال إلى الآمال اخترمته الآجال لله رجال أعطاهم التعريف طرح التسويف فأزال عنهم الحذر والخوف السين وسوف تعبدهم الحال في زمان الحال ليس بالمؤاتي من اشتغل بالماضي والآتي إذا علم صاحب الأمل إن كل شئ يجري إلى أجل اجتهد في العمل فإذا انقضى العدد وانتهت المدد وطال الأمد وجاء الرحيل ووقف الداعي على رأس السبيل لم يحز قصب السبق إلا المضمر المهزول في الحق إنما لم يصح الأمل في السبب الأول ولا كان من صفات الأزل لأنه ما ثم ما يؤمل فإن العين مشهود
(٣٤٤)