الطريق وعرج عن مناهج التحيق الخلق مشتكى الحق والحق مشتكى الخلق من شكى إلى جنسه فما شكى إلا إلى نفسه ومن شكى ما قام به من الأذى إلى نفسه فقد هذي ما شكى الحق من عباده إلا إلى من خلقه على صورته وأنزله في سورته ولولا اقتداره على دفع الأذى ما جرى منه مثل ذا ومن ذلك سر مراعاة الحق في النطق من الباب 105 لا نقل نحن إياه لقوله فأجره حتى يسمع كلام الله أنت الترجمان والمتكلم الرحمن تقيد كلام الله بالأمكنة بكونه في المصاحف والألسنة الحروف ظروف والصفة عين الموصوف فإذا نطقت فاعلم بمن تنطق فعليك بالصدق ومن كذب صدق فلا تعدل وراع الحق من عباد الله من يكون الحق لسانه وبيانه ومن عباده من لا يعلم ذلك فينزه ولا يشبه فيكذب الحق في ذلك وهو في ظنه أنه على الحق ينبه التنزيه تحديد فلا تقل بالتجريد وقل بالحيرة فإنها أقرب حد في الغيرة العجز نعت المثنى فإن قال فلا يثني فإنه لا بد أن يقف ويعترف فليقف في أول قدم فإنه أولى بالقدم وإن مشى ندم ولم يجد له في توجهه موضع قدم فلا يحصل النسب إلا لمن عرف النسب ومن ذلك سر أين كونك إذ هو عينك من الباب 106 أبنية العماء للجهلاء وأبنية السماء للعلماء وفا العماء لسيد النباء وكيانه فاء السماء للسوداء المنعوتة بالخرساء فنابت منها الإشارة مناب العبارة فاجتمع الجاهل والعالم في تعيين هذه المعالم ولكن للرب المضاف الذي ما فيه خلاف وأما ظرفية استواء العرش وظرفية أحوال أصحاب الفرش فالواحدة للرحمن والأخرى لعالم الإنسان فهذه أربعة لمن صفته إمعة وإنما كانت أربعة لإقامة السلطان على مسالك الشيطان فجعل وجهه في كل وجهة ليعصم من شاء ويحفظ من شاء فإن الحق مع بعض عباده بالولاية وعناية وبالكلاءة والرعاية فله تعالى عين في كل أين ولذلك قال تجري بأعيننا فجمع والقول الحق إذا جاء صدع فكل مدبر عينه وكل عامل يده وكونه فالله في السماء وفي الأرض وبيده ميزان الرفع والخفض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ولكن أكثر الناس لا يعلمون وكذلك أكثرهم لا يؤمنون فلنا أينيات إلا كون في الأحوال والظروف وله أينيات الكلمات والحروف فهو المجهول المعروف والمنزه الموصوف حكمت العقول بأدلتها عليه أنا به وإليه فإليه يرجع الأمر كله إذ كل ما في الكون ظله فالكل بالمجموع مثال ومن حيث الكثرة أمثال فلم يسجد له إلا الظلال في الغدو والآصال ولها التقلص والامتداد لأنها من كثائف الأجساد فعبر عنها بالعباد فمنهم المتكبرون والعباد فمن تعبد أشبه ظله ومن تكبر أشبه أصله والرجوع إلى الفروع أولى من الوصول إلى الأصول فتحقق تكن من أهل الحق ومن ذلك سر قطع الأمل بمشاهدة الأجل من الباب 107 إذا أراد الله بعبده أن يقطع أمله يشهده أجله اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا فيبذل جهده ويزهد فيما عنده ويقدم ما ينبغي أن يقدم تخلقا بالاسم الإلهي المقدم وينبغي أن يؤخر ما ينبغي أن يؤخر تحققا بالاسم الإلهي المؤخر فيحكم في نفسه لنفسه ويندم في يومه على ما فرط فيه في أمسه ليجبر بذلك ما فاته ويحيي منه بالندم ما أماته فإذا أقامه من قبره فذلك زمان نشره وأوان حشره فيبدل الله سيئاته حسنات وينقل من أسافل دركاته إلى أعالي الدرجات حتى يود لو أنه أنى بقراب الأرض خطايا أو لو حمل ذنوب البرايا لما يعاينه من حسن التحويل وجميل صور التبديل فيفوز بالحسنيين وهنالك يعلم ما أخفي له فيه من قرة عين ففاز في الدنيا باتباع الهوى وفي الآخرة بجنة المأوى فمن الناس من إذا حرم رحم وجوزي جزاء من عصم فجزاء بعض المذنبين أعظم من جزاء المحسنين ولا سيما أهل الكبائر المنتظرين حلول الدوائر فيبدوا لهم من الله من الخير ما لم يكونوا يحتسبون وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأكثر الناس لا يشعرون فحسنوا ظنكم برب هذه صفته وحققوا رجاءكم بمعروف هذه معرفته مفاتيح الكرم في معالي الهمم لكل نفس ما أملت وسنجزي يوم القيامة بما عملت لكن مما يسرها لا مما يسؤها ويضرها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها فعلمت الفجور فاجتنبته وعلمت التقوى فلزمته فاتقت الله بالله اتقاء الأمثال والأشباه ومن ذلك سر ما توعر من المسالك على السالك من الباب 108 الأخذ بالعزائم نعت الرجل الحاذم أولو العزم من الرسل
(٣٤٦)