ناظرة مسافرة الناس سفر وإن أقاموا ومقيمون وإن هاموا فإن سافرت وحدك فأنت شيطان وإن سافرت مع القرين فأنتما شيطانان وإن سافرت مع القرين والملك فما للشيطان عليك سلطان الثلاثة ركب وانتقال من البعد إلى القرب فما كل خلوة مشهودة ولا كل جلوة تكون محمودة معدومة كانت أو موجودة ومن ذلك سر ما في الجلوة من الخلوة من الباب 77 الخلوة بالخاء المعجمة جلوة بالجيم مع الحق في مقعد صدق أين يذهب العبيد ممن هو إليهم أقرب من حبل الوريد فالخلوة به لا عنه فله في كل شئ كنه فالخلوة مطلقة لا تصح ومن ادعاها فما أسرع ما يفتضح ألم يعلم بأن الله يرى فأين الخلوة فانظر ماذا ترى لولا طلب الجلوة ما شرع أحد في اتخاذ الخلوة الخلوة أرضها معبده وأحوالها مقيدة والجلوة مطلوبة لذاتها مشهودة بسمائها ومن ذلك سر الاعتزال في السواحل والجبال من الباب 78 الاعتزال في السواحل والجبال من صفات الرجال يطلب ذلك للاعتبار في الآثار فإن الله أنزل الجبال منزلة الأوتاد فسكن بها المهاد لما ماد فيأخذ بهمته وطلبه الأعلى والأنفس من الأمور التي ندب إليها شموخها ويأخذ بثبوته على ما أمر بالإقامة عليه من طاعة ربه رسوخها ويأخذ من تجلى الحق له في سره اندكاكها ويأخذ من قوته في دين الله وغيرته لله ملاكها ويأخذ فيما ندبه الله إليه من اللين لمن هو تحت حكمه والهين من غير ضعف ولا وهن تصييرها لهول ذلك اليوم المنتظر كالعهن ويأخذ من البحار اتساعها لا خلافه وقبولها تأثير الأهواء بالتموج لطيب أعراقه فيكون مع كل اسم إلهي بحكمه على قدر معرفته به وعلمه فتقوم له الأسماء مقام الأهواء فإذا سكنت عنه سكن لعلمه أن لله ما سكن والله من حيث هويته جامع لمسمى المضار والمنافع فإنه سبحانه الضار والنافع ويأخذ لحال مجاهدته تسجيرها ومن تسجيرها تسعيرها فلهذا وأمثاله طلب الاعتزال في السواحل والجبال ومن ذلك سر الاعتزال مع تدبير الأهل والمال من الباب 79 الاعتزال بالأجسام من الأوهام وبالمعنى للمحب المعنى فلو خلا شئ عن الحق مع نفي الاشتباه ما صدق فأينما تولوا فثم وجه الله وهو القول الصدق والكلام الحق فليس من رجاله إلا من اعتزل بتدبير أهله وماله فهو مع الله على كل حال في الأهل والمال فمن قال التبرر في الترك فهو صاحب إفك فمن اعتزل لينفرد بنفسه فما هو مع ربه فيما يستحقه جلال الله في قدسه ولا يفرق صاحب هذا الحال بين عقله وحسه وما طلب الحق من مساكنه أعظم من باطنه ومن ذلك سر القرار في الديار القرار للخلق نظير الاستواء للحق واعلم أنه لا يصح الجوار ولا يقبل الجوار إلا بعمارة الديار فلا يثبت الجار إلا بالدار قالت العارفة المشهود لها بالكمال ابن لي عندك بيتا في الجنة دار المال فقدمت الجار على الدار لما علمت إن بالدار يصح الجوار والعرش سقف الجنة وهو محل الاستواء وقعر الجنة سقف النار التي هي محل البلاء فالجنة على جهنم كالمرجل على النار لأهل الاعتبار فالرجل كل الرجل من ثبت في منزله عند منزله من عرف عموم إحسان البر استقر لا بد لك من منزل فلا تكن عن أول منزل بمعزل وأول منازلك علم خالقك بك ولا تزل في هذا المنزل مع انتقالك وفي رحلك وارتحالك فاسترح إن شئت أو أتعب فإنك في علمه تتقلب ما فر موسى من لقاء ربه مع علمه أنه يلقاه بموته وإنما فر لعلمه بما يزيده من العلم بالله بإقامته في بيته ففراره قراره ومن ذلك سر الانتزاح عن الأوطان ومهاجرة الإخوان من الباب الواحد والثمانين حواسك أوطانك وقواك إخوانك فهب الأوطان للقطان وأهجر الإخوان بالرحمن فإنه تعالى القاطن بقوله وسعني قلب عبدي المؤمن التقى ولا ينزل إلا بالموضع النظيف النقي وقال كنت سمعه وبصره فهويته عين قواك لمن نظر فيه واعتبره فتعين على العارف أن ينزح عن الأوطان وعلى الواقف أن يهجر الإخوان وأين الله من الحدثان كن مع الله في أحوالك تحمد عاقبة ما لك وإياك أن تنازع إذا علمت أنك الجامع فإن المفاصلة موجودة وهي لعينك مشهودة ومن ذلك سر الجنن عن البلايا والمحن من الباب 82 الجنن صوارف وأقواها العوارف وأضعفها المعارف من كان ذا معروف شاهد المعروف من تحصن خلف جنته رأى جنته في جثته أعظم البلايا والمحن وقوع الفتن وأي فتنة أعظم عند الرجال من فتنة الولد والمال الولد مجهلة مخبنة مبخلة والمال مالك وصاحبه بكل وجه وإن فاز هلك إن أمسكه هلكه وإن جاذبه تركه البخيل يذمه البخل والكريم يضر به البذل وقد جبل بخلقه من نطفة أمشاج على الفاقة والاحتياج وقال
(٣٤١)