منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٣٩
التقليد على تعلمها فهو خلاف ما صرح (دامت بركاته) به في مسائل تقليد المنهاج: (المسألة 4:
التقليد هو العمل اعتمادا على فتوى المجتهد. إلخ). فالتعلم خارج عن حقيقة التقليد الذي هو العمل ومقدمة له، لتوقف تطبيق العمل على رأي المجتهد على العلم به غالبا، ومن المعلوم خروج المقدمة عن حقيقة ذيها.
وإن كان وجه إناطة حجية الفتوى على العامي بتعلمها بحيث يكون تعلمه لها متمما لحجيتها، فهو وإن كان ممكنا، إذ لا محذور في إناطة حجية الفتوى على العامي بعلمه بها، كإناطة المانعية بالعلم بعدم المأكولية، لكنه لا دليل عليه لا عقلا ولا نقلا، فإن وجوب البقاء على تقليد الميت إنما هو لصغرويته لكبرى وجوب تقليد الأعلم، ولذا يجب العمل بفتاواه التي لم يعمل بها حال حياته. ومن المعلوم أن حجية فتوى الأعلم ليست مشروطة بتعلم العامي لها، بل حجيتها تقتضي لزوم تعلمها والفحص عنها. ولو شك في شرطية التعلم لحجية الفتوى على الجاهل يرجع في نفي شرطيته إلى إطلاق أدلة التقليد.
والحاصل: أنه لم يثبت شرطية التعلم لا في نفس التقليد الاستمراري ولا في حجية الفتوى على العامي. وعمدة الكلام في مسألة البقاء على تقليد الميت إنما هي في مانعية الموت عن تقليده بقاء وعدمها، وبعد البناء على عدم مانعيته يكون وزان تقليد الميت الأعلم وزان تقليد الحي الأعلم في عدم الاشتراط بالتعلم.
وإن كان وجهه ما نسب إليه دام بقاؤه في تقريرات بحثه الشريف من أن (الصحيح اعتبار الذكر في البقاء، وذلك لان بالنسيان ينعدم أخذه السابق ورجوعه إلى الميت قبل موته). فإن كان المراد بانعدام أخذه السابق ارتفاع العلم بالفتوى فهو من الواضحات. لكنه غير ضائر ببقاء التقليد، ضرورة أنه أجنبي عن التقليد الذي هو عنده نفس العمل بفتوى المجتهد، ولازم ذلك أن يكون سؤال العامي عن مسألة قلد فيها المجتهد الحي سنين عديدة - ونسي فتواه في تلك المسألة - تقليدا جديدا، وهو كما ترى.
وإن كان المراد بانعدام أخذه السابق انعدام العمل بفتوى الميت، فمن الواضح أن نسيان الفتوى - وهي الحكم - لا يرفع العمل الذي هو التقليد.