منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٤٠
وإن كان وجهه عدم صدق السؤال عن (أهل الذكر) على الرجوع إلى المجتهد الميت مع نسيان فتواه، ومقتضى آية السؤال هو اعتبار صدق هذا العنوان في الرجوع إلى أهل الذكر، وهذا العنوان صادق مع العلم بالفتوى الحاصل له في زمان حياة المجتهد وعدم نسيانها.
فيتوجه عليه أولا: أن المقصود من الامر بسؤال أهل الذكر إثبات حجية أقوال أهل العلم، من دون اعتبار سبق السؤال عنهم، ولذا تكون أقوالهم حجة وإن لم تكن مسبوقة به. وعليه فذكر السؤال للتنبيه على أمر متعارف في التعلم من دون خصوصية فيه.
وثانيا: أن الدليل ليس منحصرا ب آية السؤال، ومقتضى سائر أدلة التقليد هو لزوم التعلم للعمل، سواء حصل بسؤال أهل الذكر، أم بمراجعة كتبهم، أم بالاستماع من الثقات الناقلين لآرائهم. ولا وجه لتقليد سائر الأدلة ب آية السؤال، لكونهما من المثبتين اللذين لا تنافي بينهما.
وثالثا: أن ظاهر الامر بالسؤال هو الامر بتحصيل العلم، لا العمل بقول الغير تعبدا كما هو المقصود في باب التقليد، كأنه قال سبحانه و تعالى: (أيها الناس إن كنتم جاهلين فاسألوا أهل العلم حتى تعلموا) فالآية أجنبية عن مورد التقليد، هذا.
مضافا إلى ما في بعض التفاسير من أن المراد بأهل الذكر هم الأئمة الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين.
هذا بعض الأبحاث المتعلقة بتقليد الميت، وقد عرفت أن الأوفق بالقواعد عدم جوازه مطلقا من الابتدائي والاستمراري بتفاصيله المتقدمة، والله تعالى هو الهادي إلى الصواب.