منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٧٦
وغير ذلك زيادة تأثير في إصابة الواقع كما اعترف به المحقق الأردبيلي (قده).
وإن أراد أن قول المفضول - لانضمام بعض الظنون المستندة إلى الأمور الخارجية إليه - يصير الظن الناشئ منه أقوى من الظن الحاصل من قول الأعلم أو مساويا له، ففيه: أن الظنون الحاصلة للمقلد بملاحظة الأمور الخارجية مما لا عبرة به أصلا، بناء على كون التقليد من الظنون الخاصة الثابتة حجيتها بالأدلة الشرعية، وذلك لوجوه:
الأول: عدم الدليل على اعتبار هذه الظنون في مقام تقوية الامارة وترجيحها على معارضها، بعد اقتضاء الأصل عدم اعتبارها، فإن قوة الامارة لا تحصل إلا بمرجح داخلي كالأعلمية والأورعية والأوثقية ونحوها، أو بمرجح خارجي كتعاضدها بمثلها أو بأقواها من الامارات المعتبرة الثابتة حجيتها بدليل قاطع. وشئ من هذين السببين لقوة الامارة غير موجود في المقام.
أما الأول فواضح، إذ المفروض عدم كون هذه الظنون من الظنون الحاصلة بمرجح داخلي.
وأما الثاني فلانه لا أثر للمرجح الخارجي كالشهرة الموافقة لفتوى المفضول، إذ من المعلوم أن وظيفة المقلد هي التقليد دون العمل بمطلق الظن حتى يترجح ظن المقلد المتعاضد بالشهرة أو غيرها، فمن أين يحصل ظن قوي يتكافأ قوة الظن الموجود في قول الأعلم.
وأما ما ذكره النراقي والقمي (قد هما) من أن موافقة قول المفضول لقول المجتهد الاخر ربما توجب قوة الظن الحاصل من قوله، ففيه:
أنه إن كان فيهم من يكون أعلم ممن فرض أعلميته من هذا العالم أولا تعين عليه تقليده، وإلا فلا أثر لهذه الموافقة، لوضوح الفرق بين توافق أقوال المجتهدين وبين تعاضد الاخبار في الترجيح على المعارض، وذلك لاختلاف مناط القوة والضعف في كل منهما، إذ المدار في قوة الأقوال حسن نظر أربابها ومهارتهم في تمييز الصواب والخطأ في الأمور الاجتهادية، والمدار في قوة الرواية تحرز الراوي عن الكذب، فتوافق المفضولين في الرأي لا يوجب الظن، لان هذا التوافق يحصل من أمر حدسي، وهو تقارب أنظارهم وتوافق أفهامهم في اجتهاد حكم من الاحكام. والظن الحاصل من أمور حدسية لا يعبأ به، فالظن الشأني الثابت في قول الأعلم لا معارض له.
ومن هنا يتضح الفرق بين تعاضد الاخبار وتوافق الأقوال، فإن الأول يوجب تقديم الخبر المتعاضد بأخبار على الخبر المخالف له، بخلاف الثاني، فإن وجود المعاضد وعدمه سيان في