منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨٩
الكبريات على صغرياتها، فإن الطبيب الأعلم من سائر الأطباء عند العرف هو أشد مهارة في تطبيق القواعد والكليات الطبية على صغرياتها، لا من هو أعلم بالكليات مع قصوره عن تطبيقها على مصاديقها، فإن الناس لا يرجع إلى طبيب لا يقدر على تشخيص المرض و لو مع كونه أعلم من غيره في كليات الطب. وهذا المعنى يراد في المقام أيضا، لكونه مؤمنا من العقاب بنظر العقل والعقلاء دون غيره من المعاني المحتملة في الأعلم.
ولعل ما عن الشيخ الأعظم (قده) يرجع إلى هذا المعنى الذي جعلناه متعينا، قال في التقريرات:
(الأعلم من كان أقوى ملكة وأشد استنباطا بحسب القواعد المقررة، ونعني به من أجاد في فهم الاخبار مطابقة والتزاما، إشارة و تلويحا، وفي فهم أنواع التعارض، وتميز بعضها عن بعض، وفي الجمع بينهما بإعمال القواعد المقررة لذلك مراعيا للتقريبات العرفية ونكاتها، وفي تشخيص مظان الأصول اللفظية والعملية، وهكذا إلى سائر وجوه الاجتهاد. وأما أكثر الاستنباط وزيادة الاستخراج الفعلي مما لا مدخلية له).