سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة والنافلة على حد لا يقع من أحد منهم اخلال بها إلا لعذر يعتد به كمرض موت أو غيره، وإذا اتفق فوات فريضة بادروا إلى فعلها لأن أكثر قدمائهم على المضايقة المحضة فلم يفتقروا إلى هذه المسألة واكتفوا بذكر قضاء الولي لما فات الميت من ذلك على طريق الندور، ويعرف هذه الدعاوي من طالع كتب الحديث والفقه وسيرة السلف معرفة لا يرتاب فيها، فخلف من بعدهم قوم تطرق إليهم التقصير واستولى عليهم فتور الهمم حتى آل الحال إلى أنه لا يوجد من يقوم بكمال السنن إلا أوحديهم ولا يبادر بقضاء الفائت إلا أقلهم، فاحتاجوا إلى استدراك ذلك بعد الموت لظنهم عجز الولي عن القيام به، فوجب رد ذلك إلى الأصول المقررة والقواعد الممهدة وفي ما ذكرناه كفاية. انتهى. وهو جيد متين.
واعترضه المولى محمد باقر الخراساني في الذخيرة - بعد أن ذكر سابقا ما قدمنا نقله عنه آنفا من أن الفتوى بذلك لم تكن مشهورة في كتب القدماء - فقال بعد نقل هذا الكلام: قلت ملخص ما ذكره الشهيد أن الحكم بجواز الاستئجار للميت مبني على الاجماع على أن كل أمر مباح يمكن أن يقع للمستأجر يجوز الاستئجار فيه، وقد نبهت مرارا بأن اثبات الاجماع في زمن الغيبة في غاية الاشكال خصوصا في مثل هذه المسألة التي لم تشتهر في سالف الأعصار وقد خلت منها مصنفات القدماء والعظماء. ثم إن قوله (قدس سره) " على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع.. إلى آخره " يدل على أنه زعم انعقاد الاجماع عليه في زمان السيد وما قاربه، ولا يخفى أن دعوى انعقاد الاجماع بالمعنى المعروف بين الشيعة في مثل تلك الأزمان بين التعسف واضح الجزاف. ثم ما ذكره في تعليل عدم اشتهار هذا الحكم بين السلف لا يخلو عن تكلف، فإن ما ذكره من ملازمة الشيعة على مداومة الصلوات وحفظ حدودها والاستباق والمسارعة إلى قضاء فوائتها على تقدير تمامه إنما يجري في العلماء وأهل التقوى منهم لأعوامهم وأدانيهم وعموم السفلة والجهلة منهم، ويكفي ذلك داعيا للافتقار إلى هذه المسألة والفتوى بها واشتهار العمل بها لو كان لها أصل. وبالجملة للنظر