هذا بالنسبة إلى الصلوات المستحبة وأكثر الأخبار المتقدمة إنما خرجت هذا المخرج، وأما الواجبة فإنه يجوز أيضا أن يصليها نيابة عنه وإن لم يكن ولده ولا وليه، إلا أن الفاضل الخراساني في الذخيرة قال إن الفتوى بذلك لم يكن مشهورا في كتب القدماء وإنما اشتهر بين أصحابنا المتأخرين، والمشهور في كتب السابقين قضاء الولي عن الميت حسب. انتهى. وهو جيد.
بقي الاشكال هنا في أنه هل ينسحب جواز القضاء في الواجبة إلى ما لو لم تكن ذمة الميت مشغولة بالعبادة كالصلاة اليومية بأن يصليها عنه وإن علم فراغ ذمته منها أم لا؟ ظاهر الجماعة ذلك، وعليه جرى من عاصرناه من مشايخنا في بلادنا البحرين حتى أن الرجل منهم يوصي بعقار يصرف حاصله في العبادة والصلاة اليومية عنه إلى يوم القيامة، وشاهدنا جملة من العلماء يعملون بتلك العبادات من غير توقف ولا تناكر، والظاهر أن عمدة ما استدلوا به على ذلك حكاية صفوان بن يحيى المتقدمة.
ولم أطلع على من توقف في هذا الحكم وناقش فيه إلا الفاضل المولى محمد باقر الخراساني في الذخيرة فإنه قال - بعد ذكره هذا الفرع المذكور وتقديم جملة الأخبار التي قدمناها - ما صورته: وفيه اشكال نظرا إلى أن شرعية العبادات تحتاج إلى توقيف الشرع وليس ههنا أمر دال على ذلك بحيث ينسد به باب التوقف والاشكال، فإن الأخبار المذكورة غير واضحة الدلالة على العموم، ولو سلم لا يبعد أن يكون المراد بالصلاة فيها الصلاة المشروعة بالنسبة إلى المكلف بناء على أن لفظة الصلاة موضوعة للصحيحة الشرعية لا طبيعة الأركان مطلقا، وإذا كان الأمر كذلك كان محصل النص أن كل صلاة يصح شرعا أن يفعله المكلف فله أن يجعله للميت فلا يستفاد منه الجواز. وأما قضية صفوان فقد ذكرها النجاشي بلفظ " روي " والشيخ أطلق ذكرها ولم يذكر لها سندا وطريقا، والمسامحة في نقل أمثال هذه الحكايات التي لم يكن الغرض الأصلي من ايرادها تأسيس حكم شرعي شائع غالب،