فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج إن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال لها أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك؟ قالت نعم. قال فدين الله أحق بالقضاء.
قال السيد: ويدل على أن القضاء عن الميت أمر مشروع تعاقد صفوان ابن يحيى وعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان في بيت الله الحرام أن من مات منهم يصلي من بقي صلاته ويصوم عنه ويحج عنه ما دام حيا، فمات صاحباه وبقي صفوان فكان يفي لهما بذلك فيصلي كل يوم وليلة خمسين ومائة ركعة (1) وهؤلاء من أعيان مشايخ الأصحاب والرواة عن الأئمة (عليهم السلام).
قال السيد: إنك إذا اعتبرت كثيرا من الأحكام الشرعية وجدت الأخبار فيها مختلفة حتى صنفت لأجلها كتب ولم تستوعب الخلاف، والصلاة عن الأموات قد ورد فيها مجموع أخبار ولم نجد خبرا واحدا يخالفها، ومن المعلوم أن هذا المهم في الدين لا يخلو عن شرع بقضاء أو ترك فإذا وجد المقتضي ولم يوجد المانع علم موافقة ذلك للحكمة الإلهية. انتهى كلامه زيد في الخلد اكرامه ومقامه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن تحقيق الكلام في هذا المقام وتفصيل ما اشتمل عليه جملة هذه الأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام) والإحاطة بما فيها من نقض وإبرام يقتضي بسطها في مسائل:
الأولى - المستفاد من هذه الأخبار وكذا من كلام علمائنا الأبرار من غير خلاف يعرف جواز الصلاة عن الميت بأن يصلي نيابة عنه كما أنه يجوز أن يحج نيابة عنه أو أنه يصلي لنفسه ثم يجعل ثوابها وأجرها له.