الرواية التقصير في الطريق والاتمام في المنزل.
ومثل الروايتين الأولتين ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه عليه السلام (1) قال: " سألته عن المكارين الذين يختلفون إلى النيل هل عليهم إتمام الصلاة؟ قال إذا كان مختلفهم فليصوموا وليتموا الصلاة إلا أن يجد بهم السير فليقصروا وليفطروا ".
ولا يحضرني وجه جمع بين هذه الأخبار الثلاثة ومرسلة عمران المذكورة.
وقال الشهيد في الذكرى في معنى الخبرين الأولين - ومثلهما كما عرفت رواية علي بن جعفر - إن المراد ما إذا أنشأ المكارى والجمال سفرا غير صنعتهما أي يكون سيرهما متصلا كالحج والأسفار التي لا يصدق عليها صنعته. واستقربه السيد السند (قدس سره) في المدارك، وقال لا يبعد استفادته من تعليل الاتمام الذي مر في صحيحة زرارة من قوله عليه السلام (2) " لأنه عملهم " واحتمل في الذكرى أن يكون المراد أن المكارين يتمون ما داموا يترددون في أقل من المسافة أو في مسافة غير مقصودة وأما إذا قصدوا مسافة قصروا. قال: ولكن هذا لا يختص المكارى والجمال به بل كل مسافر. وأنت خبير بما فيه من البعد.
وقال العلامة في المختلف: الأقرب عندي حمل الحديثين على أنهما إذا أقاما عشرة أيام قصرا. قال في المدارك: ولا يخفى بعد ما قربه. وهو كذلك.
وحملهما شيخنا الشهيد الثاني في الروض على ما إذا قصد المكارى والجمال المسافة قبل تحقق الكثرة. وهو في البعد كسابقيه بل أبعد.
والأقرب عندي ما ذكره جملة من أفاضل متأخري المتأخرين - أولهم على الظاهر السيد السند في المدارك والمحقق الشيخ حسن في المنتقى والمحدث الكاشاني وغيرهم - من أن المراد به ما إذا زاد السير على ما هو المتعارف بحيث يشتمل على مشقة شديدة والقول بوجوب التقصير عليه لهذه المشقة الشديدة. قال في المنتقى:
والمتجه هو الوقوف مع ظاهر اللفظ وهو زيادة السير عن القدر المعتاد في أسفارهما