بكون صيد التجارة من الفضول وأنه غير مشروع.
هذا. وفي كتاب زيد النرسي عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " سأله بعض أصحابنا عن طلب الصيد وقال له إني رجل ألهو بطلب الصيد وضرب الصوالج وألهو بلعب الشطرنج؟ قال فقال أبو عبد الله عليه السلام أما الصيد فإنه مبتغى باطل وإنما أحل الله الصيد لمن اضطر إلى الصيد فليس المضطر إلى طلبه سعيه فيه باطلا، ويجب عليه التقصير في الصلاة والصوم جميعا إذا كان مضطرا إلى أكله، فإن كان ممن يطلبه للتجارة وليست له حرفة إلا من طلب الصيد فإن سعيه حق وعليه التمام في الصلاة والصيام لأن ذلك تجارته، فهو بمنزلة صاحب الدور الذي يدور في الأسواق في طلب التجارة أو كالمكارى والملاح ".
ويمكن أن يستنبط من هذا الخبر أن الصيد للتجارة إذا لم يكن على هذا الوجه فهو سفر شرعي يوجب التقصير، وذلك لأنه عليه السلام إنما أوجب اتمام هنا من حيث كونه صار عملا له كالتاجر الذي يدور في الأسواق للتجارة والمكاري ونحوهما من الأسفار المباحة لا من حيث كون سفره معصية، وحينئذ فمع انتفاء كونه عملا له يكون مشروعا موجبا للتقصير، وعلى هذا ينبغي أن يحمل قوله في صدر الخبر " أن الصيد مبتغى باطل " على صيد اللهو الذي أخبر به السائل عن نفسه، إلا أن قوله عليه السلام " إنما أحل الله الصيد لمن اضطر إلى الصيد فليس المضطر إلى طلبه سعيه فيه باطلا " لا يخلو من منافرة لما ذكره في صيد التجارة.
وبالجملة فالمسألة لما عرفت غير خالية من الاشكال والداء العضال، وقوة القول المشهور بين المتأخرين ظاهرة فإن سفر التجارة في صيد كان أو غيره من الأسفار المباحة الموجبة لوجوب التقصير والموجب للاتمام إنما هو سفر المعصية.
إلا أن ذهاب جملة من فضلاء الأصحاب إلى هذا القول - مع نقلهم لورود الأخبار به مضافا إلى ما سمعت من كلامه عليه السلام في كتاب الفقه الرضوي في الموضعين المتقدمين -