ما بعد الثلاثين المذكورة في حكم إقامة العشرة المنوية في وجوب الاتمام وانقطاع السفر، وعلى هذا فإذا بطل اتمام كثير السفر بها يتوجه القول بلزوم البطلان بهذا أيضا، حتى أن بعضهم قال بكون محض مضي الثلاثين مترددا كذلك بناء على كون نفس هذا المضي بمنزلة نية إقامة العشرة. إلا أن الظاهر من الرواية إنما هو الأول.
ثم إن الشيخ وأتباعه صرحوا أيضا بأنه لو أقام خمسة في بلده قصر نهارا صلاته دون صومه وأتم ليلا.
وتوقف في هذا الحكم من أصله جملة من أفاضل متأخري المتأخرين: أولهم في ما أعلم السيد السند في المدارك وتبعه الفاضل الخراساني والمحدث الكاشاني.
واستند الأصحاب في ما ذكروه من أصل الحكم وهو انقطاع اتمام كثير السفر بإقامة عشرة في بلده بما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " المكارى إن لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان، وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصر في سفره وأفطر ".
وأنت خبير بأن هذه الرواية مع ضعف سندها - المانع من قيامها بمعارضة الأخبار المتكاثرة الصحيحة الصريحة في وجوب الاتمام، واشتمالها على ما لا يقول به أحد من الأصحاب من وجوب التقصير بإقامة أقل من خمسة الصادق على اليوم أو اليومين - فهي غير دالة على ما يدعونه (أما أولا) - فلأن موردها المكارى ولهذا احتمل المحقق في المعتبر اختصاص الحكم بالمكارى، ونقله في الشرائع قولا وهو مجهول القائل، وقال بعض شراح النافع اعتذارا عن ما ذكره في الشرائع حيث لم ينقله غيره: ولعل المصنف سمعه من معاصر له في غير كتاب مصنف.