وما رواه في الخصال في الصحيح عن ابن أبي عمير يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " خمسة يتمون في سفر كانوا أو في حضر: المكارى والكرى والاشتقان وهو البريد والراعي والملاح لأنه عملهم ".
والظاهر أن هذا الخبر مستند الصدوق في ما فسر به الاشتقان من أنه البريد كما تقدم نقله عنه، والمذكور في اللغة وكلام الأصحاب إنما هو أمين البيادر يذهب من بيدر إلى آخر ولا يقيم في مكان، قالوا وهو معرب دشتبان أي أمين البيادر.
وأما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) (2) - قال: " المكارى والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا ".
وعن الفضل بن عبد الملك في الصحيح (3) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المكارين الذين يختلفون فقال إذا جدوا السير فليقصروا " - فقد اختلف كلام الأصحاب في المعنى المراد منهما، فقال الشيخ في التهذيب:
الوجه في هذين الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني قال هذا محمول على من يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق ويتم في المنزل، والذي يكشف عن ذلك ما رواه سعد بن عبد الله عن أحمد عن عمران بن محمد عن بعض أصحابنا يرفعه إلى عبد الله عليه السلام (4) قال: " المكارى والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا في ما بين المنزلين ويتما في المنزل ".
قال في المدارك: وهذه الرواية مع ضعف سندها غير دالة على ما اعتبراه.
وهو جيد لكن لا من حيث ضعف السند بل من حيث إنهما فسرا جد السير بأن يجعلا المنزلين منزلا والرواية لا دلالة لها على ذلك بل هي مجملة مثل الروايتين المتقدمتين، نعم قد دلت بالنسبة إلى من جدبه السير على حكم آخر غير الروايتين المتقدمتين، إذ مقتضى الروايتين الأولتين أن حكمه التقصير مطلقا ومقتضى هذه