الاشكال الناشئ من ترتب القصر على الإقامتين كما تقدم إلا أن الاشكال الثالث من الاشكالات الموردة على رواية الشيخ باق بحاله، فإن ظاهر العبارة المذكورة ومقتضاها هو ترتب القصر على إرادة المقام في البلد الذي يذهب إليه أو إرادة الإقامة في منزله لا على حصول المقام وتمامه بالفعل والمراد بالاستدلال إنما هو الثاني لا الأول، فما تدل عليه الرواية غير مراد بالاتفاق وما هو المراد لا دلالة لها عليه ولكن هذا من ما لم يتفطن (قدس سره) إليه.
وثالثا - أن ما ذكره - في الاعتذار عن سقوط قوله " وينصرف.. إلى آخره " الذي في صحيحة الفقيه من رواية الشيخ حيث إنه موضع الاستدلال وبتركه حصل الاختلال - فهو أيضا من التكلفات البعيدة والتمحلات الشديدة، ولو قامت هذه التكلفات في الروايات انسدت أبواب الاستدلالات، إذ للخصم أن يقدر ما يريد وما يوافق غرضه ويدعى أمثال هذه الدعاوى في دليل خصمه فيقلب عليه دليله فيدعى نقصان ما يحتاج إليه وزيادة ما يضره ويرد عليه ونحو ذلك كما لا يخفى على المنصف، ومن ذلك أيضا قوله: " ضرورة إمكان استنباط ما هو مضمونه من قوله وإن كان له مقام.. إلى آخره " مشيرا به كما ذكره في حاشية الكتاب إلى أن قوله في الخبر " وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام " شامل باطلاقه للبلد الذي هو وطنه وغيره، فإن فيه أنه لا يخفى على العارف بأساليب الكلام أن المتبادر من هذه العبارة والمنساق منها إنما هو بلد الإقامة الخارجة عن وطنه والعبارة المطابقة إذا أريد ذلك أنما يقال " يرجع إليه " لا " يذهب " وهذا ظاهر لمن نظر بعين الانصاف وجانب التعصب والاعتساف.
ورابعا - أن ما ذكره - من الجواب عن الاشكال بما اشتمل عليه الخبران من حكم الخمسة من توجيهه بأن المراد بالتقصير في النهار يعني ترك النوافل النهارية وإن كان يتم الفريضة - فهو مثل تأويلاته المتقدمة التي قد عرفت بما ذكرنا أنها متزعزعة منهدمة، ومن الذي يعجزه مثل هذه التأويلات الغثة الباردة والتمحلات