قال في المدارك بعد أن ذكر أنه يجب التقصير إذا كان الصيد لقوته وقوت عياله: والأصح إلحاق صيد التجارة به كما اختاره المرتضى وجماعة للإباحة بل قد يكون راجحا أيضا. والقول بأن من هذا شأنه يقصر صومه ويتم صلاته للشيخ في النهاية والمبسوط وأتباعه، قال في المعتبر: ونحن نطالبه بدلالة الفرق ونقول إن كان مباحا قصر فيهما وإن لم يكن أتم فيهما. وهو جيد. ويدل على ما اخترناه من التسوية بين قصر الصوم والصلاة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت " انتهى.
أقول: لا يخفى أن العلامة في المختلف قد نقل هذا القول عن جملة من أجلاء أصحابنا المتقدمين (رضوان الله عليهم): منهم - الشيخ في النهاية والمبسوط والشيخ المفيد والشيخ علي بن الحسين بن بابويه وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس، قال وقال ابن إدريس: روى أصحابنا بأجمعهم أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم، وكل سفر أوجب التقصير في الصوم وجب تقصير الصلاة فيه إلا هذه المسألة فحسب للاجماع عليه. ونقل في المختلف عن المبسوط أنه قال: وإن كان للتجارة دون الحاجة فروى أصحابنا أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم. ثم نقل في المختلف عن السيد المرتضى قال وأوجب المرتضى وابن أبي عقيل وسلار التقصير على من كان سفره طاعة أو مباحا ولم يفصلوا بين الصيد وغيره. انتهى.
وظاهر كلام ابن إدريس أن القول بذلك كان مشهورا بين المتقدمين إن لم يكن مجمعا عليه كما ادعاه، وأن انفكاك حكم الصلاة هنا عن الصوم مستثنى من القاعدة المتفق عليها نصا وفتوى، وهي أن من أفطر قصر ومن قصر أفطر.
وظاهر كلام المختلف أن السيد المرتضى وابن أبي عقيل وسلار لم يتعرضوا إلى مسألة الصيد للتجارة بخصوصها وإنما ذكروا وجوب التقصير على من كان سفره طاعة أو مباحا كما هو أصل المسألة التي هي من شروط التقصير.