الأمور الغير المحدودة في الشرع، ومن المعلوم أن في العرف لا ينظر إلى نقص بعض شئ من الليل أو النهار كساعة وساعتين مثلا في احتسابه من التمام فلا يلزم القول بالتلفيق (1) واخراج يومي الدخول والخروج من العداد كلية. نعم لو فرض دخوله عند الزوال مثلا وكذا الخروج بعده بقليل فظاهر العرف عدم عده تاما.
ومن ما يؤيد جميع ما ذكرناه قوله عليه السلام في ما مر من صحيحة زرارة " من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة " لظهور أن الحاج يخرج في ذلك اليوم من الزوال. انتهى.
أقول: قد عرفت في ما قدمنا في غير موضع من الكتاب ما في حوالة الأحكام الشرعية على العرف، على أن ما ذكره هنا من نسبة هذه الأمور إلى العرف إنما هو باعتبار ما تخيله وإلا فمن أين له الوقوف على استعلام عرف عامة الأقطار والأمصار واستعلام ما ذكره من هذه الخيالات؟ وبدون ذلك لا يجدي الاستناد إلى العرف، على أن قصارى كلامه بالنسبة إلى اليوم الناقص هل يحسب من العدد أم لا؟ فإنه فصل فيه بين النقصان اليسير والكثير، وأما التلفيق الذي هو محل البحث مع أنه قد صرح به في صدر عبارته فلا دلالة لكلامه عليه. وأما الرواية التي أوردها فهي بالدلالة على خلاف ما يدعيه أظهر، فإن الظاهر منها أن العشرة قد حصلت وكملت قبل يوم التروية فوجوب اتمام الصلاة عليه لحصول العشرة الكاملة ويوم التروية خارج عنها، فاستناده إلى أن الحاج يخرج في ذلك اليوم من الزوال لا يجدي نفعا في المقام لظهور أنه زائد على العشرة وليس بداخل فيها، فإن قوله عليه السلام " من قدم قبل التروية بعشرة أيام " أظهر ظاهر في خروجه عن العشرة كما لا يخفى.
وبالجملة فالمسألة لما كانت عارية من النص كثرت فيها الخيالات وتطرقت إليها الاحتمالات كغيرها من المسائل العارية عن النصوص والاحتياط فيها من ما لا ينبغي تركه. والله العالم.